في الكثير من الأحيان نشعر بأن زمن الأبطال ربما يكون قد انتهى، لكن ثمة أشخاص يظهرون بين الحين والآخر يثبتون عكس ذلك، مثلما فعل حسن صبحي، 30 سنة، من منطقة بولاق الدكرور في محافظة الجيزة، والذي تحدي الإعاقة وواجه صعوبة الحركة معتمدا على يديه التي لم تخذله يوما، بعدما خذلته قدماه منذ أن كان صغيرا، عندما أصيب بحمى شديدة نتج عنها شلل في الأطراف السفلية، نتيجة إصابته بمرض شلل الأطفال.
صدمة كبيرة شعرت بها الأسرة بعدما أصيب الطفل «حسن» بمرض شلل الأطفال ولم يكد يكمل عامه السادس بعد، وعلى الرغم من محاولات الأب حينها عرضه على عدد من الأطباء، إلا أن الحالة المادية لم تكن تسمح لهم باستكمال العلاج، وهنا توقف الفتى عن الحركة وظل طريح الفراش، لكن إرادته كان له رأي آخر.
حسن صبحي: مش عايز أصعب على حد
إرادة «حسن» كان لها رأي آخر، ليقرر الثلاثيني الاعتماد على يديه في المشي، رغبة منه في العمل حتى لا يصبح عالة على أحد: «مش عايز حد يشيل همي ولا أصعب على حد، عايز أفضل في نظر نفسي قوي حتي لو أنا من جوايا عكس كده، مش عايز اعتمد على حد في حركتي، ولا عايز اطلب من حد يساعدني، علشان كده بمشي علي إيديا رغم صعوبة الموضوع».
من بعيد تري «حسن» ذلك الشاب اليافع وهو يمشي علي يديه وكأنه طفل رضيع، لكن بجسد كبير، تقترب منه تكتشف حقيقة الأمر، المشي على اليدين ليس بالأمر اليسير، لكنه يحتاج إلى عزيمة وإصرار قوي من الفتى، كي يكمل مشواره الذي ينتهي عندما يصل إلي «موتوسيكل» صغير يقف بالقرب من منزله، يمثل له كل شيء؛ إذ يعتمد عليه في الحركة لمسافات بعيدة، لصعوبة حركته مستعينا بيده: «مقدرش أقعد في البيت من غير شغل، مينفعش يعدي يوم عليا من غير ما أنزل لأني مش هلاقي فلوس أعيش بيها، علشان كده بنزل يوميا من الساعة 8 الصبح وارجع العصر ومعايا بيكيا قديمة بشتريها من الناس علشان استرزق منها».
لم يجد «حسن» سوي مهنة جمع الإكسسوارات القديمة «الروبابيكيا» من المنازل مستعينا بالموتوسيكل الخاص به، وعلى الرغم من قلة الدخل العائد من تلك التجارة إلا أنه لم يجد غيرها: «كنت بنزل زمان بالكرسي المتحرك ومعايا شكاير مربوطه في ضهري وألم من الشوارع أي حاجه قديمة شوية بلاستيك أو نحاس وحديد وأجمعهم في البيت عندي وابيعهم وكانت بترزق لحد ما واحد جابلي الموتوسيكل لما لقاني بتعب من الكرسي».
تزوج «حسن» منذ سنوات وأنجب طفلين ومن ذلك الحين وهو يري أنه لابد أن يكون مصدر فخر لهما، ومن هنا يعمل يوميا دون توقف حتى يتمكن من جمع الأموال التي تكفل لهما الأمان المادي: «عايز أفرح بيهم وبشقى وبتعب علشان أشوفهم في الجامعة، وأنا مش محتاج أي حاجه غير إني أفضل قادر على الشغل، كل يوم عمري بيجري، وأوقات مبقدرش أحرك إيديا علشان كده بنزل ألعب كوره في الشارع وأنا قاعد على الأرض علشان أحرك إيديا وأقدر أشيل الشغل»
تعليقات الفيسبوك