ظروف ضائقة تعيشها إحدى الأسر بمحافظة القليوبية، بدأت بعدما عجز الزوج منذ نحو 10 سنوات عن العمل بسبب ظروفه الصحية وفقدان بصره، وتفاقمت جدًا بسبب جائحة كورونا التي حرمت الزوجة الأربعينية «عبير» من مواصلة عملها في بيع الأكواب البلاستيكية؛ إذ تراجع عدد الزبائن بشدة، وهو ما كان للأسرة أشبه بكسرٍ في عمودها الفقري، وباتت لا تجد حتى طعامًا تقدمه لابنيها.
بصوت يملؤه الحزن ويهيمن عليه الضعف، بدأت عبير مبروك، 42 عاما، من أبناء مدينة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، تروي معاناة أسرتها لـ«الوطن»، بأن زوجها، محمد سعد، 41 عاما، أُصيبت عينه اليسرى في طفولته، ما أدى إلى فقد الرؤية من خلالها تمامًا، مُضيفة أن العين الثانية بدأت تتأثر أيضًا وتشيع فيها بعض الآلام، ما دفعه وهو في الخامسة والعشرين من عمره، إلى إجراء عملية كي بالتبريد في عينه؛ أملًا في تحسين رؤيتها، إلا أن العملية لم تأت بالنتيجة المرجوة منها وإنما زادت الأمر سوءًا.
مواصلة الزوج للعمل وبتر أصابع يده
رضيّ الزوج بقضائه المكتوب، ولو يستسلم لظروفه الصحية، بل راح يعود إلى عمله بعينين إحداهما مفقودة والأخرى يكاد ينعدم ضوؤها، مُصرًا على كسب قوت يوم ابنيه، وبقيّ على الحال نحو 5 سنوات، وبعدها عجز عن العمل تمامًا: «بسبب ضعف نظره، هو وشغال منتبهش لسير المكنة فقطع صوابعه»، بحسب الأم، التي أضافت أنه بعدها عجز عن الخروج والعمل وبخاصة في ظل ضعف نظره يومًا بعد يوم، وأن لديها ابنان هما «يوسف» 14 سنة، و«مازن» 12 سنة.
مع كل هذه الظروف الضيقة، لم تجد الزوجة أمامها إلا أن تكون أبًا وأمًا في الوقت ذاته، فرضيت بأمرها المكتوب وراحت تخرج للعمل وبيع الأكواب البلاستيكية في الشوارع، وبقيت على هذا الأمر عدة سنوات وهي تحاول جني بعض الجنيهات من هنا والبعض الآخر من هناك، وتحرم نفسها من أكلة وأخرى لا تشتري منها سوى الفتات، أملًا في توفير المال لما هو أهم بالنسبة لها وهو رعاية ابنائها وعلاج زوجها، إلا أن السيناريو الذي حدث مع الزوج قبل سنوات عاد يُكرر نفسه ثانيةً ولكن تلك المرة معها هي؛ إذ حالت جائحة كورونا بينها وزبائنها مما جعل بيعها طوال اليوم لا يكفي ولو لشراء الطعام.
شقة ضيقة وأثاث متواضع
بعد ساعات طويلة تقضيها «عبير»، مُتنقلة في الشوارع لبيع أكوابها البلاستيكية مُتكبدة معاناةٍ جسدية ونفسية، تعود بحسرتها لقلة البيع لتستكمل آلامها رفقة الأسرة في شقتهم الضيقة التي لا تتعدى كونها جدرانًا مُشققة تحوي بداخلها سريرٍ قديم ومرتبة متهالكة تُوضَع على الأرض لتوفير مكانًا ينام فيه باقي أفراد الأسرة، بالإضافة إلى بعض الأثاث الأخرى القليلة والتي لا تقل تواضعًا عن باقي مكونات الشقة: «أنا متعودة على الشقاء والتعب من صغري، أبويا مات وأنا صغيرة وكنت بشتغل من وأنا عندي 12 سنة»، هكذا قالت «عبير» مُضيفة أن سبب معاناتها الآن يتمثل في عدم وجود زبونًا يشتري بضاعتها أو مصدرًا آخر تكسب من رزق أسرتها.
«عبير»: نفسي في كُشك وهسدد تمنه شهريًا
ما زاد من معاناة الأسرة أنها لا تحصل على معاشٍ ولا تملك بطاقات تموين، مما حرمها من السلع الشهرية والخبز، بالإضافة إلى تكبدها شهريًا بما يقرب من 550 جنيهًا لسداد إيجار الشقة وفواتير الخدمات المختلفة من مياه وغاز وكهرباء: «في جامع قريب بيدينا 50 جنيه كل شهر، وفي شيخ طيب لما بيكون متوفر عنده شنط مدارس أو لبس بيديني لعيالي»، وفقًا لـ«عبير»، التي أضافت بقلبٍ راجٍ وصوتٍ مستغيث، أنها تتمنى فقط كُشكًا تُنفق منه على أسرتها، وحتى لو سيشتريه لها شخصٌ مُقتدر على أن تُسدد له ثمنه على دفعٍ شهرية: «هسدد له تمنه كله علشان لو حب يشتري واحد تاني ويساعد حد غيري».
تعليقات الفيسبوك