دكتور ماجد شكري مع حالاته
يجلس على كرسي متحرك منذ نحو 6 سنوات، يتحرك به في عيادته يكشف على مرضاه، ويدخل به غرفة العمليات لإجراء جراحات بكل دقة وحرفية، تأتي إليه الحالات خصيصا من كل أنحاء الإسكندرية والمحافظات الأخرى، يستقبلهم بكل نشاط وحيوية لا يعيقه شيء في أداء مهامه على أكمل وجه. كان يمكنه ترك المهنة بعد أن قضى سنوات في الخدمة إلا أنه لم يوقفه عن هذا القرار إلا احتياج السيدات إليه، ليحقق الدكتور ماجد شكري إنجازات عدة تجعل اسمه سيحفر في تاريخ الأطباء وقلوب من ساعدهم.
ماجد شكري الحاصل على دكتوراه أمراض النساء والولادة وعلاج العقم، بجامعات فرنسا، عضو الجمعية الفرنسية للنساء والولادة، أخصائي طب الأجنة والخصوبة جامعة ليون، حكى لـ«الوطن» سبب جلوسه على كرسي متحرك منذ نحو 6 سنوات، حيث إنه في الثمانينات اكتشف إصابته بمرض يطلق عليه «تصلب الأعصاب المتناثر» وهو مرض مناعي ليس له علاج أو معروف تطوراته وفقا لوصفه.
«اتخرجت سنة 80 من الكلية وسافرت برة في التخصص بتاعي ورجعت سنة 91، المرض جالي 87 في فرنسا كنت بكمل وبشتغل عادي وأخدت الشهادة والرسايل ورجعت مصر».. كواليس دراسة دكتور النساء الذي ظل في العمل دون أي مشاكل أو ظهور أعراض صعبة حتى أثر مرض تصلب الأعصاب المتناثر على قدميه: «من 6 سنوات جالي تطور مفاجئ في المرض، ورجلي مبقتش تتحرك كويس وبقف قليل، لكن إيديا ومخي وعينيا كويسين، المرض مأثرش عليهم عشان كده أنا مستمر لحد دلوقتي».
الدكتور ماجد شكري يجري عمليات دقيقة على كرسي متحرك
جلب ماجد البالغ من العمر 64 عامًا، كرسيا متحركا مخصصا يساعده في الكشف على المرضى في عيادته وإجراء العمليات في المستشفى: «بعمل العمليات بنفسي وفي حاجات مبعملهاش خالص بديها لحد تاني يعملها لكن معظم الحاجات بتبقى بنفسي مثل أطفال الأنانبيب، الجراحات المجهرية اللي بتكون وأنا قاعد، والتخصيب المجهري، وعندي كرسي مخصوص بيساعدني وممكن أقف بيه».

راود دكتور أمراض النساء كثيرا التوقف عن العمل إلا أنه دائما ما كان المحيطون به يشجعونه على الاستمرار لمساعدة الناس وخاصة أنه تسبب في نشر البهجة بالكثير من البيوت المصرية: «طالما بساعد الناس وبقدر أخدمهم وأديهم مجهود وفرحة، يبقى مفيش حاجة تمنعني إني أكمل، بس وقفت الحاجات المرهقة».
ويذهب ماجد إلى العيادة الموجودة في شارع سعد زغلول 3 أيام في الأسبوع ويستقبل الحالات لمدة 4 ساعات: «مرتاح ومبسوط وببسط الناس، ومن وقت كورونا قللنا قوي عشان الزحمة ولكن قبل كده كنت بشوف عيانين كتير».
إقبال الناس على عيادة الدكتور ماجد
«الناس لو خايفة مكنتش جاتلي، اللي بيطمنك أن الناس بتيجي وبتكمل، بياخدوا خدمة ممتازة على قد ما بقدر أديها وخلاص، ولو مطلعتش كويسة مكنش غيرهم هييجوا، وربنا اللي بيعمل كده».. وصف ماجد رد فعل الحالات التي تتردد عليه دائما من الإسكندرية وليبيا والصعيد وأماكن أخرى كثيرة: «مش بشتغل في إسكندرية بس وفي الأقاليم كمان وفي حاجات بعملها متميز فيها بالعقم والتلقيح المجهري والناس بتبقى مبسوطة لما ربنا يرزقهم بطفل»، كما أن عيادته مليئة بالقصائد والصور والهدايا ورسومات الحب، من قبل الحالات التي تحاول التعبير عن مشاعرهم وتقديرهم له بطريقة بسيطة.

أما عن الصعوبات التي يواجهها الطبيب، أشار إلى أن البلد غير مجهزة للإعاقة: «يعني مثلا الأرصفة مش معمولة أن الكرسي يمشي عليها، حاجات عادية، غير كده في تحدي بأن جزء كبير من شغلي ابتديت أقلله اللي هو بيكون فيه مجهود جامد لكن ربنا عوضها بحاجات تانية أنا بارع فيها زي التخصيب المجهري» .
تخصص ماجد في العقم والتلقيح المجهري لا يسبب له مجهودا عضليا ولكنها تحتاج خبرة علمية وهو ما ساعده على استكمال عمله في الطب ومساعدة الناس: «بتدي فرصة كويسة قوي غير لما الواحد يقعد يعمل جراحة للأورام ويشيل أورام كتير قوي دي حاجة عايزة صحة ومجهود كبير قوي ومجهود عضلي أكتر من اللي ببذله، وكمان بتدي فرحة للعائلة نفسهم أنه يجبوا بيبي، علشان كده خصصت شغلي في المجال ده ولقيت إن ربنا عوضني بيه».
الجانب الأسري لدى الدكتور ماجد كان له دور كبير في المساندة والمساعدة سواء كانت من شريكه عمره زوجته التي تقف بجواره دائما وتعمل على تشجيعه أو ابنه «سامر» الذي امتهن نفس مجاله حيث إنه أخصائي نساء ويساعده كثيرا: «ابني اختار تخصص ونجح فيه وربنا وفقه وبقاله 7 سنين بيشتغل معايا، هو راح فرنسا برده وتخصص في حاجة نادرة شوية اسمها طب الأجنة بيكمل الشغل بتاعنا في العيادة، وعلى قد ما بقدر أديله وأعلمه ومليش غيره أعلمه لأني علمت ناس كتير قوي».

أحد حالات دكتور ماجد تحكي تجربتها معه: مكونتش شايفة الكرسي أنا شايفة إيمانه
إيفون سمير إحدى حالات الدكتور ماجد شكري، تحكي لـ«الوطن» تجربتها معه حيث إنها منذ نحو 3 سنوات اكتشفت وجود ورم في الرحم وحجمه كبير جدا: «كنت في الشغل وبكلم مع زميلة ليا هي رشحته ليا عشان بتثق فيه وفي كلامه لما روحت ليه وأخدت الأشعة والتحاليل سألني عندك أولاد قولتله آه، قالي فيه ورم وإن شاء الله يكون كويس وإحنا بعد العملية هنعمل تحليل».
حالة من الخوف والقلق والتوتر انتابات السيدة إيفون ولكنها استقبلت حديث الدكتور ماجد لها بكل صدق وراحة نفسية كبيرة جعلتها لا تبالي من الكرسي المتحرك ولم يحصل على حيز في تفكيرها: «قالي أنا ممكن أقولك نديكي علاج حقن وبرشام وهيكون غالي وإنه يقلل نسبة الورم بس بعد مدة تيجي ويرجعلك تاني وممكن يتحول حاجة مش كويسة أنا بوضح ليكي الصورة والأفضل ندخل نعمل جراحة».
«طبعا أنا كنت خايفة جدا وبعيط يوميا روحت المستشفى وكلامه ليا هو اللي يرحني داني آمان، طريقة كلامه بيرمي كل الحمل على ربنا وكل حاجة بأمره وهو اللي هيقف معانا فاطمنت» .. وصف إيفون التي قبل دخولها غرفة العمليات دار بينهما حديث لايزال محفور في ذهنها حتى الآن: «إيدي كانت بتترعش وخايفة أوي دخل ليا على كرسي المتحرك قالي إحنا داخلين فين قولتلوا يعني إيه دخلين العمليات قالي إحنا داخلين هنركب السفية ومين القائد بتاعها هو ربنا هو اللي هيشتغل معانا جوه في العملية».
وخرجت إيفون من العملية بسلام واطمئنت من التحاليل ولاتزال تذهب إليه كل عام لمتابعة حالتها: «أنا كنت فاكرة خلاص هموت وهو كان معايا أمين من الأول وعملية إزالة الرحم كانت بالمنظار ولسه مكنش منتشر خالص يعني مفيش فتح بطن وهو إزالة من مكان الولادة الطبيعي وكان كل اللي يسألني ساعتها وأقوله منظار يستغرب».
أما عن رد فعل أهلها حينها شرحت إيفون قائلة: «اتخضوا بس مقالوليش ساعتها قالولي بعد ما خرجت أنت إزاي مسلمة روحك كده لدكتور قاعد على كرسي قولتلهم أنا مكونتش شايفة الكرسي أنا شايفة كلامه وإيمانه بربنا».
تعليقات الفيسبوك