في مثل هذا اليوم ميلاديا، وقعت حادثة من أكبر وقائع الفتن في العصر الإسلامي، وهي مقتل ثالث الخلفاء الراشدين سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، التي جاءت العديد من الروايات حول استشهاده.
وكان آخر لقاء لسيدنا عثمان بن عفان مع المسلمين بعد أسابيع من الحصار قال لهم: "يا أهل المدينة إني أستودعكم الله، وأسأله أن يُحسن عليكم الخلافة من بعدي. وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا، حتى يقضي الله فيَّ قضائه، ولأدعنَّ هؤلاء الخوارج وراء بابي، ولا أعطيهم شيئاً، يتخذونه عليكم دخلًا في دين أو دنيا حتى يكون الله هو الصانع في ذلك ما أحب".
ووقعت فتنة في عهد عثمان، ثار فيها المتمردون عليه حتى هاجموا داره، وتصدى لهم جمع من الصحابة يدافعون عنه، فناداهم قائلاً: "الله الله، أنتم في حلٍّ من نصرتي"، فأبوا، لأنه كان واثقاً من استشهاده بشهادة النبي له بذلك، وأراد ألا تُراق دماء مسلم بسببه، وتنشب فتنة بين المسلمين.
يقول الإمام ابن العربي المالكي في كتابه "العواصم والقواصم"، جاء زيد بن ثابت فقال له: إن هؤلاء الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصار الله مرتين، قال عثمان: لا حاجة بي في ذلك، كفوا.
حرق المتمردون باب بيت سيدنا عثمان والسقف، وكان يصلي، ويقرأ سورة طه من المصحف الشريف، وكان يومها صائمًا، فدخل عليه رجل من المحاصرين، ولما رآه سيدنا عثمان قال له: بيني وبينك كتاب الله، فخرج الرجل، ودخل آخر أسود البشرة، يُقال له: الموت الأسود، فخنقه وكانت روحه لينة وجسده رقيق، فغاب عن الوعي وظن أنه مات فخرج.
ثم دخل على سيدنا عثمان رضي الله عنه كنانة بن بشر الملعون، وحمل السيف، وضربه به، فاتّقاه بيده فقطع يده، فقال عثمان رضي الله عنه عندما ضُرب هذه الضربه: بسم الله توكلت على الله. فتقطرت الدماء من يده، فقال: إنها أول يد كتبت المفصل، وتقاطر الدم على المصحف، وتثبت جميع الروايات أن هذه الدماء سقطت على كلمة: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ}.
بعد ذلك ضربه كنانة بن بشر وضربه بعمود على رأسه، فخرّ رضي الله عنه على جنبه، ثم طعنه في صدره، ثم قام سودان بن حمران بحمل السيف، وطعن سيدنا عثمان رضي الله عنه في بطنه فمال رضي الله عنه إلى الأرض فقفز على بطنه، واتّكأ على السيف بجسده ليتأكد من اختراق السيف لجسد عثمان رضي الله عنه، ومات رضي الله عنه وأرضاه بعد هذه الضربة، والمصحف بين يديه، وفار الدم على المصحف الذي كان يحتضنه.
قتل محمد بن أبي بكر لعثمان
وردت روايات كثيرة في كتب التاريخ تشير إلى أن محمد بن أبى بكر الصديق كان ضمن الأشخاص الذين قتلوا عثمان بن عفان رضى الله عنه في داره، وبحسب كتاب "محمد بن أبى بكر الصديق.. حياته واحواله زمن الفتنة"، أن محمد بن ابى بكر تسور على عثمان من دار عمرو بن حزم، ومعه كنانة بن بشر بن عتاب، وسودان بن حمران، وعمرو بن الحمق، فوجودا عثمان عند امرأته نائلة وهو يقرأ في المصحف في سورة البقرة، فتقدمهم محمد بن أبى بكر، فأخذ بلحية عثمان، فقال : قد أخزاك الله يا نعثل! فقال عثمان :لست بنعثل، ولكنى عبدالله وامير المؤمنين قال محمد: ما اغنى عنك معاوية وفلان وفلان! فقال عثمان: يا ابن أخى، دع عنك لحيتى، فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت عليه، فقال محمد: لو رآك أبى تعمل هذه الأعمال أنكرها عليك، وما أريد بك اشد من قبضتى على لحيتك، قال عثمان: استنصر الله عليك واستعين به ثم طعن جبينه بمشقص في يده ورفع كنانة بن بشر مشاقص كانت في يده، فوجأ بها في اصل اذن عثمان، فمضت حتى دخلت في حلقة، ثم علاه بالسيف حتى قتله، فقال عبد الحمن: سمعت أبا عون يقول: ضرب كنانة بن بشر جبينة ومقدم رأسه بعمود حديد، فخر لجبينه، فضربة سودان بن حمران المرادى بعد ما خر لجبينه فقتله).
وقال الشيخ عبالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق، إن روايات قتل محمد بن أبي بكر لسيدنا عثمان كلها ضعيفة، ذاكرا رواية رضى الله عنه ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" حيث قال : (والصحيح أن الذى فعل ذلك غيره، وأنه استحى ورجع حين قال له عثمان : "لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها".
تعليقات الفيسبوك