"دولا القوة ودولا العز يهدوا الغالي مهما يعز".. ذلك مقطع من أشهر الأغاني الذي كان محوره أبطال حرب أكتوبر، والموثق بصوت السندريلا سعاد حسني، وكُتب بقلم الشاعر أحمد فؤاد نجم، وألحان الموسيقار الطويل؛ ليقدم الثلاثي مقطوعة تفتخر بجميع الأبطال أين كان مكانتهم الاجتماعية أو مجال عملهم، فالجميع سواء كان مهندس، فنان، صحفي، رياضي، تجمع من أجل تحرير الوطن.
الصحفي عبده مباشر: ذهبت للمعركة يوم 7 أكتوبر وأول لقاء كان مع قائد الفرقة 18 مشاه
وعلى الجبهة التي شهدت الانتصار على العدو الصهيوني، كان هناك آلاف القصص لأبطال الحرب بينهم الكاتب الصحفي عبده مباشر، الذي كان يعمل مراسلا حربيا، إبان حرب أكتوبر، واصفا تواجده بساحة المعركة آنذاك بعمله الواجب تنفيذه، مثلما يغطي أي صحفي الأحداث المتعلقة بقسمه، وفقا لما رواه خلال حديثه مع "الوطن".
"يوم 6 أكتوبر تواجدت بجريدة الأهرام، نظرا للقرار الصادر وقتها بمنع الصحفيين والإعلاميين من العبور بالموجات الأولى الأمر الذي يدل على الحذر الشديد من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة، وفي اليوم التالي 7 أكتوبر انطلقت بمفردي وسلكت طريقي لميدان الحرب، ليكون أول لقائي مع اللواء فؤاد عزيز غالي، قائد الغرفة 18 مشاه بالجيش الثاني الميداني".. هذا هو تفاصيل مشاركة الكاتب الصحفي عبده مباشر بحرب أكتوبر.
المراسل الحربي: أكتوبر أهم معركة في حياتي.. وهيكل قالي وريني هتعمل إييه
وكان مباشر، في تلك الفترة مراسل حربي أمامه معركة واحده في حياته، حاملا على عاتقه مسؤولية التغطية الصحفية التي تروي ظمأ آلاف المصريين المتعطشين لأخبار أبنائهم على الجبهة، مشيرا إلى مقولة رئيسه الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل له، آنذاك: "وريني هتعمل أي".
الكاتب عبده مباشر، دوره لم يكن مقتصرا فقط على المتابعة الإعلامية كمراسل حربي، فكان أصغر المتطوعين كتائب الفدائيين عام 1951 وانضم لقوات الحرس الوطني والمقاومة الشعبية بعد نكسة 1967، رغم أنه مدني لكن تاريخه الطويل في العمل التطوعي والمقاومة الشعبية أهله للالتحاق بالمجموعة 39 قتال، التي كانت مهمتها القتال خلف خطوط العدو في سيناء.
مذيع أكتوبر: اتصلوا بي يوم المعركة صباحا استعدادا لإذاعة بيانات النصر
ومن أقلام الصحف لموجات الإذاعة اللاسلكية، يلمع اسم الإذاعي القدير صالح مهران، الذي لقب بمذيع أكتوبر، كونه الذي أذاع بيانات حرب أكتوبر 1973 بصوته في بدايات الحرب، حيث روى تفاصيل ذلك اليوم خلال حديثه مع "الوطن".
وبالرجوع للذاكرة، حكى مذيع أكتوبر تفاصيل اليوم العظيم، قائلا: "كان يوما من أيام شهر رمضان، وفي الساعة العاشرة صباحا رن التليفون من أجل الحضور لمكتب محمد محمود شعبان، رئيس الإذاعة آنذاك، ليخبرني مع عدد محدود من مذيعي هواء البرنامج العام بأن الحرب لتحرير الأرض ستبدأ الساعة الثانية ظهرًا، وأطلعنا على ما هو متوقع من أحداث خلال ذلك اليوم، خاصة ما سيقوم به الرئيس السادات من مقابلات ولقاءات في ذلك اليوم، وقال إن المطلوب من المذيعين هو الهدوء في قراءة البيانات، وذكر الحقائق التي تجري دون مبالغة أو تهويل".
الإذاعي صالح مهران: بيانات النصر محت الكآبة التي كانت تسيطر منذ نكسة يونيو
وتوالت البيانات العسكرية في الانطلاق عبر الإذاعة المصرية بمحطة البرنامج العام، حتى البيان رقم 5، والذي كان نصه، "نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة واستولت على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة"، بحسب الإذاعي صالح مهران.
وأضاف مذيع أكتوبر، أن جميع المذيعين اشتركوا في قراءة البيانات التي غيرت خريطة المنطقة، ومحت الكآبة التي كانت تسيطر منذ نكسة يونيو، لافتا إلى أن من البيانات التي ما زال يتذكر وقائعها هو بيان تحرير القنطرة شرق، والذي نص على "عاد العلم المصري مرة أخرى إلى مكانه العزيز فوق المدينة الثانية في سيناء كلها وهي القنطرة شرق".
وعن كواليس ذلك البيان، قال ماهر: "وصلني البيان بعد الساعة التاسعة وكان الميكرفون في إذاعة خارجية من ميدان عابدين، اتصلت بمذيع النقل الخارجي الزميل عبد الوهاب محمود، وطلبت منه أن يعيد الميكروفون للاستوديو لإذاعة بيان هام، بيان تحرير القنطرة شرق يعني سيطرة مصر على الضفة الشرقية للقناة ونهاية أسطورة خط بارليف".
نائب رئيس نادي الزمالك: يوم النصر يمثل لي مشاعر متداخلة
وبعيدا عن المراسلين الحربيين والإذاعيين، كان لرجال المجال الرياضي مكانا بارزا كونهم جزءا من نسيج ذلك الوطن، بينهم اللواء صبري سراج، نائب رئيس نادي الزمالك، والمشارك في حرب أكتوبر المجيدة حتى قبل بدايتها، حيث كان ضمن سلاح المشاة، وفي أبريل من عام 1973، كانت فرقته تتدرب على اقتحام نقطة كبريت الحصينة؛ ليسقط مصابًا في التدريب ويفقد يده اليسرى.
ذكرى نصر أكتوبر يوم لا ينسى من ذاكرة ذلك البطل، لازدحام العديد من الذكريات الواقعة ذلك اليوم، وفقا لما قاله خلال حديثه مع "الوطن"، لافتا إلى أن الذي لا ينساه هو فقدانه اثنين من زملائه في فريق السلة بالزمالك خلال أحداث الحرب، هما الرائد مبارك عبد المتجلي، أحد أبطال الصاعقة في معركة الدفرسوار، والشهيد الملازم أول سمير عبد الله، من سلاح المهندسين.
ويرى اللواء صبري سراج، أن ذلك اليوم هو تعبيرا عن معنى الانتماء والتلاحم من أجل حب الوطن، مشيرا إلى أن جميع الأسر منذ نكسة 67 وحتى النصر وهي تعد أبنائها لتحرير الوطن، مؤكدا أن الجميع كانوا لا يفكرون في شئ غير مصلحة مصر وقتها.
أحمد بدير: فقدت صديقي في الحرب.. وما حدث معجزة عسكرية
ونقلا من الرياضة للفن، شارك عشرات الجنود من الفنانين بحرب أكتوبر، بينهم الفنان أحمد بدير، الذي قال خلال حديثه مع "الوطن" إن ذلك النصر تحقق بإرادة الجيش المصري، واصفا ما حدث بالمعجزة العسكرية على جميع المستويات.
وتذكر بدير، مشهد استشهاد أحد زملائه وقت الحرب، قائلا: "تلك اللحظة من أكثر المواقف حزناً وألماً في حياتي، حيث فقدت صديق عمري".
تعليقات الفيسبوك