لم تمنعها الإقامة فى الولايات المتحدة الأمريكية من الحفاظ على الطقوس الرمضانية التي حفرت فى وجدانها منذ صغرها، حتى صارت «هند محمد» مشهورة وسط المجتمع الأمريكي بأنها السيدة المصرية التي استطاعت أن تنقل رمضان إلى أمريكا، ورسمت اللهفة فى عيونهم لزيارة مصر لمعرفة أصل تلك الطقوس الجميلة.
«بعد سفري إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع زوجي لاستكمال دراسة الدكتوراه، كان عليّ أن أتأقلم مع حياتي الجديدة، لم يكن معي سوى ابنتي الكبرى وكانت تبلغ عامين، وبدأت التفكير في أن عليّ الحفاظ على الطقوس والعادات المصرية، لأنها ونيسي الحقيقي وسط هذا المجتمع المتنوع، وعلى رأسها الاحتفال برمضان».. بهذه الكلمات عبرت «هند»، التي تقيم في أمريكا منذ 10 سنوات ولديها 4 بنات تترواح أعمارهن من 10 إلى 5 سنوات، عن سعادتها بنقل أجواء رمضان لأمريكا.
«هند» : نحافظ على الطقوس الرمضانية ونصنع الزينة بأنفسنا
رغم أن المجتمع الأمريكي ليس لديه معلومات تفصيلية عن شهر رمضان، أو تحديد تاريخ بدايته، لكن «هند» أصبحت علامة من علامات إقبال رمضان، بالزينة الخارجية التي تعلقها على البيت بأكمله، والتي تجعل منظره فريدا وملفتا للأنظار، خصوصا مع منظر «الفوانيس» المعلقة بجانب الزينة الورقية التي تصنعها بناتها: «نقوم بزيارة المحلات للبحث عن زينة متوفرة مناسبة لشهر رمضان، وإذا لم نجد نقوم بصنع الزينة والفوانيس بنفسنا من الألف للياء، بعد شراء الخامات اللازمة، ونقوم بتعليق تلك الزينة بشكل جميل داخل المنزل وخارجه».
أهم ما تسعى إليه «هند» هو غرس الطقوس الرمضانية في بناتها خصوصا المصرية، والارتباط النفسي به، لذلك وضعت مع زوجها خطة لتعليم بناتها كل شيء متعلق برمضان، بداية من معرفة سبب الصيام، وتأثيره، قراءة قصص الأنبياء، والتعرف على تعاليم الدين الإسلامي في ما يخصه: «المجتمع الأمريكي متنوع، ولديه نوعان من الاحتفالات، دينية ومجتمعية، ونحن لا نشارك في الأعياد أو المناسبات التي لا صلة لنا بها، فنركز على الاحتفال بشهر رمضان والعيدين الكبير والصغير، وحاولنا أنا وزوجي غرس ذلك في البنات بطريقة لطيفة، ومن أجل ذلك نحرص على أن يكون شكل الزينة بالبيت مبهرًا، فيشعرن بقيمة شهر رمضان وتتسلل إلى قلوبهن طقوسه».
سكان ولاية كاليفورنيا يلقبون «هند» وعائلتها بـ«البيت الصائم في أمريكا»
«البيت الوحيد الصائم في أمريكا» هكذا يًعرف الجيران في ولاية كاليفورنيا، «هند» وعائلتها، ما يجعلها تحرص على نشر التعريف برمضان وطقوسه وسط المحيطين بها، حتى يعلموا سبب امتناعها عن الطعام والشراب مع بقية أفراد عائلتها: «في مدراس بناتي على سبيل المثال نحاول الاتصال بالمدرسات لتعريفهن بأننا في شهر رمضان، وأن البنات في هذا الشهر يمتنعن عن تناول الطعام والشراب لوقت معين، وأن ذلك جزء من تعاليم الدين الإسلامى، خصوصا أنه لا توجد معرفة كبيرة عن شهر رمضان وطقوسه هناك ويكون هناك تقبل كبير للأمر، أما الجيران فيعرفون بقدوم رمضان من خلال الزينة ويأتون لتهنئتنا، وأقدم لهم الحلوى الرمضانية كطقس رمضاني وهو ما يثير إعجابهم وجملتهم الشهيرة لنا (هابي رمضان)».
مثل أى سيدة مصرية، تحاول «هند» التمسك بالعادات الرمضانية التي عاشتها فى مصر، فتضع قائمة بالوجبات المصرية التي ستصنعها خلال شهر رمضان، وعلى رأسها «الفول» المدمس: «بمجرد اقتراب رمضان، تبدأ جولاتنا في المحلات العربية لشراء مستلزمات الطعام المصري الذي أجيده وأحبه، لأنه يذكرني بمصر».
إلى جانب الطعام، تقوم «هند» بأهم طقس لديها في رمضان، وهو تفصيل الملابس الرمضانية من إسدلات الصلاة والعباءات الرمضانية لنفسها وبناتها بيدها: «دوما كل عام يكون هناك هدية مني لبناتي وهي الملابس الرمضانية التي ينتظروها بفارغ الصبر، ونحن لدينا يوم رمضاني مصري بامتياز يبدأ بتشغيل التواشيح الدينية على الموبايل، والبرامج الدينية في التليفزيون، ثم تناول الطعام المصري الجميل، ومشاهدة مسلسل مصري على اليوتيوب ثم مكالمات الفيديو مع الأهل والأقارب فى مصر".
تفتقد «هند» رمضان في مصر، وأهم طقوسه بالنسبة لها هي مقابلة الأقارب والأصدقاء وما يتبعها من جلسات حكي وسمر، إضافة إلى تناول السحور في المطاعم المصرية ليلا، وصلاة التراويح في مسجد مصطفى محمود: «أحاول تعويض هذا الحنين من خلال صلاة التراويح في المسجد القريب مننا، وأحيانا الأفطار مع الجاليات المصرية والمسلمة في المسجد، ولكن هذا لا يُغني أبدا عن الروح الجميلة لرمضان في مصر، وفعلا بالنسبة لي رمضان فى مصر (حاجة تانية)، لا يمكن تكرار الشعور بها في أي بلد في العالم سوى مصر الحبيبة».
تعليقات الفيسبوك