يقف خلف عربته الخشبية مُرتديًا جلبابه البسيط وشاله الثقيل نسبيًا ليحتمي به من لفحات البرد القارسة، بصبر وثبات، يستمدها من عبارات الدعاء والشكر الكثيرة التي يُكررها «عم عبدالفتاح»، أملا في تمكنه من بيع كل بضاعته من التسالي المختلفة كالفول السوداني واللب والترمس.
بصعوبة شديدة يتمكن عبدالفتاح عبدالحفيظ، 87 عاما، من التقاط أطراف الحديث حوله، لكنه في كل مرة يرد بصوت مفعم بالرضا، بعد أعوام طويلة من العمل المضني، إذ كان عامل نظافة إلى جوار بيعه لبعض التسالي على عربته، ولكنه بعد بلوغه سن المعاش، تفرَّغ للبيع في الشارع.
معاناة «عم عبدالفتاح» من ضعف النظر
في الساعات الأولى من الصباح، يبدأ «عبدالفتاح»، ابن محافظة القاهرة، تنظيم بضاعته على سطح العربة، فور وصوله لها، وهو ما يحتاج منه لمجهود كبير بسبب بطء حركته، لسنه الطاعن وصحته الهزيلة، فضلا عن أنه يعاني من ضعف شديد في النظر، فبالكاد يُدرك مَن يقف أمامه ويخالطه الحديث.
عبارات شكر ودعاء، يعطر بها الرجل الثمانيني باستمرار أثناء تواجده في الشارع حتى أصبح معروفًا بهذه الصورة لدى سكان المنطقة، إذ يشهد الكل بطيب كلماته ورقتها وحمده الدائم لله على نعمته: «كان عندي ولدين بس واحد منهم مات، وعندي 4 بنات الحمد لله جوزتهم من العربية دي»، بحسب «عم عبدالفتاح»، الذي يعيش حاليا برفقة زوجته المُسنة فيسند كلٌ منهما الآخر ويستأنس به.
«عبدالفتاح»: الحمد لله ربنا كارمني من وسع
رغم كونه في العقد التاسع من عمره، يعد «عم عبدالفتاح»، مثالًا كبيرًا في المثابرة والاجتهاد للبحث عن «لقمة العيش» الحلال، متحاملا على صحته المتدهورة ومعاناته من ضعف في السمع والنظر، والبرودة الشديدة التي شهدها الطقس أمس، إلا أنه فضَّل الخروج للشارع والوقوف خلف عربته لطلب الرزق: «باخد معاش 2000 جنيه في الشهر والحمد لله ربنا كارمني من وسعه»، لذا يتمنى فقط أن يحظى دائما برضا الله.
تعليقات الفيسبوك