سنوات طويلة أمضاها «محمود» صاحب الـ 64 عامًا، وهو يعمل في مهنة المِعمار، ولم يدخر جهدًا طوال هذه السنوات في إسعاد أسرته وأولاده، إلا أنه اضطر في عام 2006 إلى إجراء عملية قلب مفتوح لتبدأ من بعدها صحته تتهاوى، ما جعله عاجزًا عن العمل في مهنته التي اعتادها، وتبدأ من بعدها الخلافات مع زوجته التي اضطرت أخيرًا إلى الانفصال عنه لينتهي به الحال على أرصفة أحد الشوارع يبيع الليمون وبعض الخضروات وعلب المناديل.
إجراء عملية قلب مفتوح والعجز عن العمل
يحكي محمود محمد، وهو أحد سكان شارع أبو سليم بمحافظة الجيزة، في حديث لـ«الوطن»، أنه بعد إجراء عملية القلب المفتوح حاول كثيرًا أن يعمل كما كان في السابق، إلا أنه عجز عن ذلك ولجأ منذ 4 سنوات إلى الشارع ليبيع منتجاته البسيطة: «عندي 5 عيال 4 بنات وولد.. منهم بنتين وولد اتجوزوا وباقي معايا بنتين لسه متجوزوش اسمهم خلود وشمس.. هما دلوقتي عايشين مع والدتهم بس أنا كل ما ربنا بيرزقني ببعتلهم مش بسيبهم».
في هذه السن الكبيرة لم يلقَ هذا الرجل الستيني من يرعاه أو يتكفل بمصاريفه، ما جعله ينزل إلى الشارع رغم صحته التي نالها الضعف كثيرًا: «أنا اللي بأكل نفسي وبغسل لنفسي وبعمل كل حاجة لوحدي.. ابني أحمد الله يكون في عونه ويساعده على مصاريف بيته، هو يادوب قادر يكفي بيته وبيشتغل يوم وبينام 10»، هكذا قال «عم محمود»، وإنه يعيش في شقة يتكبد شهريًا 600 جنيه كإيجار لها، بخلاف فواتير الكهرباء والمياه وسعر أسطوانة الغاز.
حزن «عم محمود» على عجزه عن رعاية أسرته
لم يتوقع «عم محمود»، أن يصل به الحال إلى هذا الوضع وأن يعجز يومًا ما عن التكفل بمصاريف أسرته، إلا أن القدر كان له رأي آخر: «مراتي زمان كانت بتقولي عايزة أشتغل، كنت بقولها لا مش هخليكي تشتغلي، لما أنا أموت إبقي اشتغلي، لكن دلوقتي أنا اللي هصرف على البيت»، وأن زوجته صاحبة الـ 54 عامًا، الآن بعد تدهور ظروفه وعجزه عن العمل اضطرت للانفصال عنه كي تتمكن من الحصول على معاش الإعالة، وراحت تعمل في أحد المنازل في أعمال المسح والتنظيف لتجني بعض الأموال ربما تتمكن معها من الإنفاق على ابنتيها.
بيع الخضار والمكسب الضئيل
يبدأ «عم محمود» يومه بأنه يذهب إلى سوق الخضار يُحضر منه بعض المنتجات البسيطة، ومن ثَم يجلس بها على الرصيف منتظرًا بيعها: «البضاعة كلها اللي معايا بجيبها بحوالي 50 ولا 60 جنيه وبفضَل قاعد بيهم من الضهر لبعد العشاء علشان أبيعهم أو أبيع جزء منهم.. برجع آخر اليوم وأنا معايا مثلًا 15 ولا 20 جنيه مكسب فوق تمن البضاعة».
عجز «عم محمود» عن إجراء عملية
مشاق الجلوس على أرصفة الشوارع ولساعات طويلة رغم كِبر سنه، لم تكن هي آخر آلام «عم محمود»؛ إذ أنه يعاني من ناسور شرجي وهو ما يحتاج إلى إجراء عملية تتكلف 6000 جنيه بحسبما أخبره الطبيب، ومع عدم امتلاكه لهذا المبلغ اضطر إلى الاحتفاظ بآلامه ليُعاني في صمتٍ منذ 3 سنوات وحتى الآن.
تعليقات الفيسبوك