كانت الدولة المصرية وقتها تعيش في حالة من عدم الاستقرار، 7 سنوات من الاستعداد والتأهب للحرب، الطلاب يقبلون على الكليات الحربية، وخريجو الجامعات يدخلون سريعًا إلى الجيش، آخرون أنهوا الخدمة العسكرية، بعضهم تطوع للمشاركة في حرب أكتوبر المجيدة.
عائلة كاملة تركوا حياتهم كلها ليفدوا بها وطنهم، جميعهم يأمل في طرد العدو الصهيويني من شبه جزيرة سيناء، مكونة 3 أخوات جميعهم شارك في حرب أكتوبر بدور مختلفة، بعضهم تخرج في كليته والتحق ليؤدي خدمته العسكرية، وهو المهندس محمد غراب، أحد أفراد الفرقة الثانية بالإسماعيلية، وفي محافظة السويس كان اللواء عادل غراب، ضابطًا في سلاح الصواريخ متأهبًا لقرار الحرب كل يوم، وشارك معهم أيضًا شقيقهم الثالث، المهندس أحمد غراب.


«محمد» التحق بالخدمة في يوم وفاة والده
يحكي المهندس «محمد»، 82 عامًا، لـ«الوطن»، تفاصيل انضمامه إلى الجيش المصري، كضابط احتياط، بعد تخرجه في كلية الهندسة، حيث انضم بعدها إلى التدريبات في قيادة الجيش بالفرقة الثانية بمحافظة الإسماعيلية، وأصبح مسؤولاً عن التحركات من ناحية الشؤون الفنية.
دخل «محمد» الخدمة في يوم 5 رمضان عام 1968، وهو اليوم نفسه الذي ذاق فيه مرارة فقد أبيه: «أبويا مات واترحلت على طول في مكان، وفضلت هناك مخرجتش لحد سنة 74».
7 سنوات من الخدمة في الجيش المصري
7 سنوات قضاها «محمد»، في خدمة وطنه بالجيش المصري، كان وجوده في القيادة ليعطي التعليمات الفنية لتحرك الجنود، حتى أتت فترة ما قبل التي يوصفها المهندس بأنها «أيام شد»، إذ كان الجميع في حالة تأهب وانتظار لوقت الحرب القريب، ولكن لم يكونو يعلموا الوقت المعلن للحرب حفاظًا على السرية: «قبل الحرب بأسبوع كنا حاسين إنها قربت، بسبب إن حالة التأهب والانتظار كانت قوية، وكنا بنشدد جدًا على الجنوب الموجودين وكمان على الحاجات اللي المفروض موجودة معاهم، زي السلاح والعهدة».
لحظات عصيبة وصمود بطولي
وقت ثغرة «الدفرسوار»، كان أصعب أيام في حياة «محمد»، حيث أن الطائرات كانت تطير من فوقهم، ولكن كانوا على استعداد لها، ونجحوا في عدم مرور أي طائرة إسرائيلية للضفة الثانية.
تطرق المهندس «محمد» في الحديث عن بعض الشخصيات التي برزت أدوارهم في الحرب، مثل العميد حسن البيدويهي، قائد الجيش الثاني استطلاع، والذي كان دارسًا للعدو بطريقة ساعدت كثيرًا على الفوز بالحرب: «البيدويهي قضى طول حياته في الجيش، وقضى حياته كلها في خدمة بلده، وتوفي بعد ما اتجوز بسنة واحدة فقط».

«عادل»: عرفنا ميعاد الحرب بـ«الكود السري»
اللواء عادل غراب، الذي تخرج في الكلية الحربية عام 1971، وتخصص في سلاح الصواريخ، ووقت حرب أكتوبر كان في الجيش الثالث بالفرقة الثامنة، وقضى السنوات كلها في تدريبات شاقة، استعدادًا للحرب في أي وقت، يروي لـ «الوطن»، تفاصيل اصطيادهم لطائرات العدو التي جعلت وزير دفاع إسرائيل، موشى ديان، يصدر أمرًا بعدم مرور أي طائرات للضفة الأخرى، مضيفًا: «كنت في السويس وأخويا في الإسماعيلية، ودخلت الكلية الحربية عشان أدافع عن بلدي، وعرفنا ميعاد الحرب قبلها عن طريق كود سري بيتم إرساله، وعلى طول جهزنا نفسنا عشان ندافع عن بلدنا واشتغلنا على العبور».
مقابلة مع الرئيس عبد الناصر
وقت ترحيل اللواء «عادل»، 72 عامًا، إلى الجيش الثالث، كانت التدريبات شاقة للغاية كأن الحرب ستندلع غدًا، وروى أسرار مقابلة الرئيس جمال عبد الناصر، الذي التقى بهم عندما رحلوا إلى السودان، بعد أن علموا برغبة إسرائيل في ضرب الكلية الحربية، وقضوا فترة الكلية هناك، إذ فوجئوا عام 1970 بالرئيس «عبد الناصر»، يخبرهم بأنهم أول دفعة تستعد للحرب: «لما الرئيس عرف إن إسرائيل عاوزة تضرب الكلية الحربية، نقلنا السودان وساعتها زارنا هو والرئيس معمر القذافي، والمنيري رئيس دولة السودان وقتها».
حالة من الترابط والحب بين المصريين ساعدتهم في عبور القناة، حيث كان الشعب والجيش يد واحدة، والجميع كان في حالة من الفرحة الشديدة التي تسيطر عليها كلة «الله أكبر»، إذ يصفها اللواء عادل، بأنها «زلزلت المكان».

لم يقل دور اللواء والمهندس والشاعر أحمد غريب، عن أشقائه الاثنين، ففضلاً عن كونه مهندسًا في الجيش، إلا أنه صاحب موهبة ويلقب بـ«شاعر مكة».
تعليقات الفيسبوك