تسجيل أول حالة إصابة بشرية بفيروس «جدري البقر»: التهابات وتعفن الأنسجة
لم يكد العالم يفوق من صدمة ظهور فيروس جدري القرود وتفشيه في بريطانيا والفطر الأسود، فضلًا عن مرض السل المضاد للأدوية، حتى ظهرت أول حالة إصابة بشرية في العصر الحديث بفيروس جدري البقر.
وفي بريطانيا، سجلت أول حالة إصابة بشرية بفيروس «جدري البقر»، بعدما انتقلت إليها العدوى من خلال قطتها، حيث أصيب فتاة تبلغ من العمر 28 عامًا، بعدوى حادة للغاية في عينيها نتيجة لـ«جدري البقر» والذي ينحدر من سلالة «الجدري».
التهابات في العين وتعفن الأنسجة
وبحسب موقع «لايف ساينس»، ذهبت الفتاة البالغة من العمر 28 عامًا، إلى غرفة الطوارئ بالمستشفى، بعد شعورها بـ«هيجان» وآلام شديدة، فضلًا عن إحمرار في العين اليمنى واستمرت الأعراض لمدة 5 أيام، وفقًا للتقرير المنشور بمجلة «نيو إنجلاند الطبية» في 5 يونيو الماضي.
وأعطى الأطباء الفتاة العشرينية مضادات حيوية وفيروسية لعلاج التهابات العين الشائعة، ولكن لم تؤثر معها على الإطلاق، وبدأت أعراضها تصبح أكثر سوءًا، وحدث لها التهاب النسيج الخلوي المداري أو ما يعرف بـ«التهاب في الدهون والعضلات حول العين»، ما أدى لإصابتها بتعفن في نسيج العين، وسط قلق الأطباء بفقدانها الرؤية، «قلقنا الرئيسي هو أن العدوى يمكن أن تسبب لها فقدان في الرؤية بشكل دائم أو احتمالية انتشارها خلف مدار العين»، بحسب طبيب العيون المعالج، مايلز كيرنان.
وتلقت المريضة دورة علاجية مطولة، وإجراء عملية جراحية لإزالة الأنسجة الميتة من حول عينيها، حيث نجح العلاج في إزالة العدوى وبعد 6 أشهر، استعادت الرؤية بنسبة 20/20، رغم أنها تعاني من انخفاض في جفنها العلوي، وبعض المشاكل في حركة العين.

وكان مفتاح معرفة مرض الفتاة بالتحديد هو قطتها الأليفة، حيث قالت المريضة إنها منذ أسبوعين بدأت تظهر على قطتها آفات حول مخالبها ورأسها، وعقب فحص عينة من تلك الآفات وعينة من أنسجة عين الفتاة، جاءت نتيجة الاختبار إيجابية لـ«orthopoxvirus »، وهو عائلة من الفيروسات التي تتضمن «الجدري»، «جدري القرود»، «جدري البقر»، وبفحص التسسلسل الجيني لعينة الفتاة، تأكد إصابتها بفيروس «جدري البقر».
ماهو فيروس جدري البقر؟
فيروس جدري البقر يمكن أن يصيب فصائل متعددة «بقر، قطط، وبشر»، ومرتبط بـ«فيروس اللقاح»، والذي يستخدم في لقاح الجدري، والذي ابتكره لأول مرة الفيزيائي الشهير «إدوارد»، حيث استخدم جدري البقر لاكتشاف أول لقاح في العالم ضد الجدري عام 1796، بعد ملاحظته لمذكرات مزارع كان على اتصال بجدري البقر.
ويعد فيروس جدري البقر نادر، اليوم، ومصدره الرئيسي هو القوارض، ويمكن للقطط أن تصاب بالعدوى عندما تقتل القوارض الحاملة لجدري البقر، لكن انتقال العدوى من القطط إلى البشر أمر نادر الحدوث.
هل يصاب البشر بفيروس جدري البقر؟
ويمكن أن يصاب البشر بجدري البقر من خلال ملامسة آفات جدري البقر على جلد القطط، ولكن الفيروس ليس شديد العدوى بين الناس والقطط، ويمكن تقليل خطر الإصابة بشكل كبير بإجراءات النظافة مثل ارتداء القفازات عند التعامل مع الحالات المصابة، وفقًا لمستشفيات «VCA» الحيوانية.
وبحسب «ميلز»، فإنه وزملاؤه لم يروا من قبل حالة إصابة بعدوى جدري البقر في العين، ولكن هناك حالات قليلة للغاية تم تسجيلها، «تم القضاء على الجدري من العالم في عام 1980، بفضل حملة التلقيح العالمية ، لكن الحكومات تخشى أن فيروس الجدري يمكن استخدامه كسلاح بيولوجي».
منظمة الصحة العالمية: تم القضاء على الجدري في 1980
وفي تعريفها للمرض قالت منظمة الصحة العاليمة على موقعها الرسمي، أن الجدري مرض معدي حاد يسببه فيروس الجدري، وهو عضو في عائلة «orthopoxvirus»، وكان من أكثر الأمراض فتكًا التي عرفتها البشرية وتسببت في وفاة الملايين قبل القضاء عليها، يُعتقد أنه كان موجودًا منذ 3000 عام على الأقل.
ويعد لقاح الجدري، الذي ابتكره إدوارد جينر في عام 1796، أول لقاح ناجح يتم تطويره، ولاحظ أن الخادمات اللاتي أصبن بالجدري في السابق لم يصبن بالجدري وأظهر أنه يمكن استخدام تلقيح مماثل للوقاية من الجدري لدى أشخاص آخرين.
أطلقت منظمة الصحة العالمية خطة مكثفة للقضاء على الجدري في عام 1967، حيث تم إجراء التحصين والمراقبة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم لعدة سنوات، وكانت آخر حالة طبيعية معروفة في الصومال في عام 1977، وفي عام 1980، أعلنت منظمة الصحة العالمية القضاء على مرض الجدري - وهو المرض المعدي الوحيد الذي حقق هذا التمييز، ولا يزال هذا من بين أبرز وأعمق نجاحات الصحة العامة في التاريخ.
تعليقات الفيسبوك