الحطام الناتج عن انفجار مفاعل تشيرنوبل النووي
استعد الجميع للذهاب لعملهم، في نحو الساعة الثانية عشرة صباحا بدأ تبديل الورديات المختلفة، وبمجرد دخولهم لمكان العمل بدأت الأحداث المخيفة في الحدوث ولم يدرك الموظفون أنهم بصدد أسوأ كارثة في التاريخ، ففي نحو الساعة 1 و6 دقائق تحديدا داخل مفاعل تشيرنوبل النووي الشهير، بدأ العد التنازلي لانفجار المفاعل الرابع، وسرعان ما انقلبت الأمور ليودع الجميع عائلاتهم في سرهم بعدما ألحق بهم الإشعاع أضرارا بليغة أودت بحياتهم وبحياة غيرهم بعدما تسرب الإشعاع إلى الدول المحيطة.
البداية كانت في 26 أبريل عام 1986، بمدينة بريبات الأوكرانية، حيث قرر العاملون بمحطة تشيرنوبل النووية إجراء تجارب سلامة على المفاعل في حالة انقطاع الكهرباء في أي وقت، وما لم يدركه الجميع هو أن بداية الكارثة كانت في ذلك الوقت، حيث خطأ في التشغيل بعد إغلاق توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم المستخدم وتسبب توليد الكهرباء إلى ارتفاع حرارة اليورانيوم بالمفاعل الرابع إلى درجة الاشتعال.
وكان من المفترض أن تكون قضبان الوقود التي تساعد على تبريد المفاعل هدأت من ارتفاع درجة الحرارة إلا أنه بسبب صنع أطرافها من الجرافيت ساعدت في انصهار المفاعل، وكل ذلك كان نتيجة الاستعانة بمهندسين حديثي الخبرة ورغبة المسؤولين في إثبات أنهم جديرين بإدارة المفاعل النووي وإثبات كفائته وسلامته، وبعد انصهار قلب المفاعل النووي رقم 4 في «تشيرنوبل» تسرب الإشعاع إلى الخارج مسببا أسوأ كارثة نووية في التاريخ، وفقا لصحيفة «إندبندنت» البريطانية.
وتسبب ارتفاع اليورانيوم إلى انصهار قلب المفاعل الرابع وحدوث انفجارين كبيرين أعقبهما اشتعال النيران بكثافة في هذا المفاعل بسبب تفاعل مواد الإشعاع مع الأكسجين، وحملت الحرارة والدخان الناتجان من النيران المشتعلة المواد المشعة إلى السماء لمسافة كيلومتر واحد بالمنطقة، وخلفت الانفجارات والحرائق سحابة قاتلة من الإشعاعات النووية انتشرت في أوكرانيا وعددا من البلدان.
لم يتم تحديد عدد الضحايا بالضبط نتيجة للانفجار النووي، ولكن وفقا للإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة الأوكرانية فنحو مليوني و300 ألف شخص أصيبوا بالسرطانات بأشكال متفاوتة نتيجة للإشعاع، كما تسببت كارثة تشيرنوبل في تلوث أكثر من مليون هكتار من الأراضي الزراعية بسبب الإشعاعات المتسربة.
أدى الإشعاع المتسرب الناتج عن انصهار المفاعل النووي وانفجاره ، إلى احتراق رجال الإطفاء والإسعاف والعاملون في المستشفيات، ولكن كان للإشعاع أضرار أخرى حيث أدى للإصابات بالأورام السرطانية للعديد من السكان، حيث عكف الخبراء على دراسة التأثير السرطاني الممتد للقارة من الانفجار الذي حدث عام 1986، وحمل المليارات من جسيمات الإشعاعات عبر الرياح والتي امتدت إلى الدول المحيطة وليس أوكرانيا بمفردها.
في مايو عام 2019، أنتجت شركة «HBO» الأمريكية مسلسل قصير حمل اسم «تشيرنوبل»، وروى القصة الحقيقية لما حدث في عام 1986 ومن المتسبب في الكارثة، وأصبح من أفضل المسلسلات التليفزيونية القصيرة وحاز على إعجاب الجميع .
تعليقات الفيسبوك