«إن أسوء مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد خلال أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة»، عبارة شهيرة قالها مارتن لوثر كينج، الزعيم الأمريكي من أصل أفريقي، قبل حوالي الـ70 عاما وأكثر. وإذا كان ذلك صحيحا، فإن بالتأكيد أفضل مكان في الفردوس محجوز لهؤلاء الذين لا يقفون مكتوفي الأيدي خلال الأزمات، من الذين يمدون أيديهم لمساعدة المحتاج حتى ولو بأقل القليل، وهذا ما فعلته «شجن زين»، أستاذة العلوم، خريجة كلية التربية بقسم البيولجي، مع بداية أزمة انتشار وباء كورونا المستجد بمصر، خلال شهر مارس 2020، لتبدأ مبادرة في إطعام العمالة غير المنتظمة ومرضى العزل، بمركز الصف بمحافظة الجيزة، التي تسكن بها.
استغاثات حواليا
ومنذ الجائحة، وتستمر شجن، في نشاطها الخيري، لكنها حولته إلى إطعام الفقراء واليتامى والأرامل خلال أيام شهر رمضان الكريم الحالي. تقول «شجن» في بداية حديثها مع «الوطن»: «لما شوفت حواليا، استغاثات كتيرة من الجوع وتوقف العمالة اليوميه وفقر مرضى العزل، وشدة احتاجهم للأكل والدواء، كان يجب أن يتدخل أحد لإنقاذ هؤلاء»، مشيرة إلى أنها لم تستطع أن تشاهد ما يحدث دون أن تحرك ساكنا، فبدأت بإعداد وجبات مجانية لكل من يحتاجها، بمعدل من 100 إلى 150 وجبة يومية، ولكن بشكل متقطع خلال شهري مارس وأبريل من العام الماضي.
مطبخ يومي لمرضى العزل
وبحلول شهر رمضان من العام الماضي، وسعت أستاذة العلوم من نشاطها الخيري، وبدأت في تجهيز وجبات مجانية طيلة أيام الشهر الكريم، مضيفة: «في رمضان عملت مطبخ يومي لمرضى العزل المنزلي لحد ما الأزمة انتهت، ووصلنا لصفر إصابات بمركز الصف بالجيزة».
وبعد مرور الموجة الأولى من كورونا بسلام على أهالي الصف بالجيزة، شجع هذا الأمر «شجن» على الاستمرار في إطعام الغير، متابعة: «قررت إنى مش هوقف إطعام تاني وفي شهر 9 انضميت لفريق سواعد الإطعام، وحاليا بنشتغل كلنا وبنوزع وجباتنا اليومية على الصائمين في رمضان، وقبل رمضان بنوزع على المسنين والأيتام والأرامل والعمالة اليومية»، مواصلة: «أوقات بنروح المستشفيات وبنوزع من 200 لـ250 وجبة كل ما نروح، وساعات بنروح مستشفى الجزام اللي بنتردد عليها كتير أوي برضه».
«جروب واتساب»
«كل عمل كبير الخطوة الأولى فيه دائما هي أصعب الخطوات، فالانطلاقة مهمة بشكل كبير وتحتاج إلى شجاعة أكبر» تقول شجن.
وعن أول إطعام قامت به خريجة كلية التربية بقسم البيولوجي تقول: «أنا وأصحابي عملنا جروب واتساب. كل واحد مننا ساهم بمبلغ بسيط وجمعنا من بعض 650 جنيه عملت بيهم 50 وجبة وده أول إطعام بتاريخ 29-3-2020».
أكثر من 10 آلاف وجبة
وفي بداية الإعداد لهذا العمل، أكثر ما كان يقلق «شجن» هو مسألة التوزيع، ولكنها مجرد ما افتتحت هذا العمل الخيري، وجدت الكثير ممن يحاولون أن يساعدوا، خاصة في مسألة التوزيع، فمرت الأمور بسلام، ومنذ حينها ولا ينقطع عملها في إطعام الآخرين، مضيفة: «لحد دلوقتي يمكن وزعنا أكثر من 10 آلاف وجبه كاملة على الناس المحتاجة، ده غير وجبات إفطار الصائمين المارة في الشوارع اللي فيها عصير ومولتو».
دعوة للمشاركة
ورغم كل هذا العمل الخيري، ترفض أستاذة العلوم الكشف عن صورتها لأنها لا تريد شهرة لنفسها، بل تريد الشهرة لهذا العمل، حتى يتشجع الكل ويشارك به، حسبما تصرح، مؤكدة: «الإطعام دة فرحة وسعادة وجبر خاطر لينا قبل مايكون للأسر البسيطة».
تعليقات الفيسبوك