عالم المقابر مليء بالأسرار الخفية التي في كثير من الأحيان لا يمكن تصديقها، وذلك لصعوبة تلك الروايات التي يسردها بعض من تعاملوا مع الأموات، الحديث عن حركة الجثامين يعد من أغرب الروايات التي يحكيها البعض ويصعب تصديقها، من بين هؤلاء كان محمود خالد من محافظة المنيا، الذي طيلة سنوات عمره لم يكن له أن يصدق تلك الروايات التي يحكيها البعض عن المقابر.
ظل الفتي على اعتقاده ذلك حتى جاء يوم كتب له فيه أن يغير هذا الاعتقاد، ويصبح من أشد المدافعين عن فكرة وجود أرواح تزور المقابر ليلا، بعدما كان يرفض الحديث عن كرامات الأموات، ويدلل على صحة اعتقاده ذلك بأن المتوفى لو كانت له كرامات لستر نفسه عن أعين من غسله.
ليلة رعب عاشها الفتى
ذات ليلة كان العشريني يقوم بري الأرض التي يملكها والده في إحد قرى مركز ملوي، وكانت تلك الأرض قريبة من مقابر القرية، وكانت تلك المرة هي الأولى التي يقوم فيها الفتي برى «البرسيم» ليلا، وذلك لأن والده هو من كان يقوم بتلك المهمة: «أبويا هو اللي كان بيروي الأرض، ولما كنت أوقات بساعده كنا بنبقى بالنهار، ووقتها كان الموضوع عادي يعني، لدرجة إني كنت بقعد أولع راكية على شاي قصاد المدافن، مكنتش بحس بخوف ولا رهبة حتى».
في تلك الليلة الظلماء التي غاب فيها القمر، وانعدمت الرؤية، بسبب السحب الكثيفة، أمطرت السماء فجأة في منتصف الليل وكان الشاب في وسط الحقل، بالقرب من المقابر قرر أن يذهب إلى المدافن كي يستظل بها من الأمطار حتي يكمل ما يقوم به: «فيها كذا استراحة، قولت أروح أستخبى من المياه دي، وأريح شوية لحد ما الدنيا تهدي».
استراحة المقابر
استقر الفتى داخل الاستراحة، ولم يكن يشعر بخوف، حتى رأى طفلا لم يكد يكمل عامه الخامس بعد، يرقد إلى جوار مدفن، دون ملابس والأمطار تتساقط عليه بغزارة: «خوفت عليه من البرد وجريت ناحيته، علشان أشيله، لأنه كان غرقان بسبب المطر ونايم نوم عميق».
اقترب«محمود» من الطفل، وهم أن يمسكه ويرفعه من الأرض تمهيدا لنقله ومن ثم البحث عن أهله، ولكن شيئا غريبا كان قد حدث، حينما اقترب الفتى من الطفل، اختفي الطفل فجأة، دون أن يعلم الشاب كيف حدث ذلك: «جسمي نمل كله، واتثبت مكاني، وبعدها فضلت أجري لحد ما دخلت بيتنا، وكنت مذهول من اللي حصل، ولحد النهارده بصحى على كوابيس ومحتاج حد يقولي أنا فيا إيه».
التحليل النفسي
الدكتور أحمد فايز، استشاري الطب النفسي يعلق على هذا الأمر ويقول إن هذا الشاب كان في حالة تهيؤ نفسي لقبول أي شيء يحدث أمام عينيه وذلك لأنه دخل في صراع مع ذاته، لأنه كان قد سمع العديد من الروايات حول المقابر وما يحدث بداخلها ليلا، وهنا العقل الباطن، صور له تلك الأمور الخفية، وذلك لأنه لم يزر تلك المقابر من قبل ليلا: «طبيعي ده يحصل، لأنه طول الوقت بيسمع حاجات غريبة عن المقابر دي، وتحديدا في وقت الليل، ولما راح بليل عقله كان متقبل أي حاجة يشوفها، ووارد يكون الطفل ده جذع شجرة ليس إلا، لكن عقله صوره بالشكل ده لأن مهيئا لقبول كل ما يراه أمامه».
تعليقات الفيسبوك