في رحلة أسبوعية تعود عليها العجوز الستيني محمد مصطفى، قادما من محافظة أسيوط، كي يبيع «ملايات السرير» وبعض المنتجات الأخرى في منطقة العتبة، من أجل توفير الأموال التي تكفل له ولذويه الاستقرار والأمان، بعد سنوات قضاها الرجل متنقلا من مكان إلى آخر، عندما كان يعمل بمجال المعمار.
خلال سنوات عمل «مصطفى» في الأعمال الخرسانية والمعمار قبل أن تضيق به الدنيا بعدما خارت قواه، ونفدت طاقته وأصبح لا يقوى علي صعود السقالة، ولا الأدوار المرتفعة، الأمر الذي كان بالنسبة له قاتلا، كيف له أن يتحمل تلك الحياة وهو أصبح دون عمل، بعدما تقدم به العمر: «بقيت زي خيل الحكومة».
العتبة الملجأ الأخير لـ«مصطفى»
لم يستسلم العجوز الذي يبلغ من العمر 68 عاما، لشيب شعر رأسه، و قرر أن يلجأ إلى سوق العتبة الشهير، بعدما علم أن أقاربه يعملون به منذ سنوات: «مبقتش أقدر أشيل رمل وزلط زي زمان، ولما عرفت إن أهل بلدي في أسيوط شغالين في السوق، قولت أجي استرزق».
جاء «مصطفي» إلى السوق محملا بحمل كبير، وهو إطعام صغاره الخمسة، الذين حرموا من التعليم بسبب الضائقة التي تعرض لها الرجل ولم يتمكن من إدخال أحد أبنائه إلى المدرسة: «مدخلتش حد منهم المدرسة، لأن مفيش فلوس، يدوب بجيب الأكل لهم بالعافية، لكن عندي بنت منهم عندها إعاقة في رجلها، بحلم أعلمها علشان يبقي معاها سلاح تواجه بيه الزمن، بعد ما أموت».
صعوبات العيش.. رزق يوم بيوم
صعوبات كثيرة يواجهها «مصطفى» في يومه، تتمثل في ضرورة العودة إلى منزله بأموال تسد رمق صغاره: «من فترة قولت أجيبهم وأقعد بيهم هنا، وجيت قعدت في المنشية وبعدها ربنا كرمني والدولة نقلتني الأسمرات، ولسه لحد دلوقتي بسافر كل أسبوع أسيوط أشوف اخواتي وناسي».
بعدما استقر به الحال في منطقة الأسمرات، أصبح مطلوب منه يوميا 20 جنيها تكلفة المواصلات، إلى جانب مصاريف المعيشة اليومية: «ماشي يوم بيوم، وربنا بيكرم بدل القعدة، لما كان فيا صحة كنت طول الوقت معايا فلوس، أه كانت قليلة لكن كنا مستورين، دلوقتي الصحة راحت، وبرضه لازم اشتغل، فقلت أبيع ملايات وعبايات، وأهو كله رزق وشغل».
تعليقات الفيسبوك