يقف الزبائن أمام عربة البليلة بحثا عن مذاق جميل لمشروب بحجم وجبة تبث الدفئ في جسد السقعان، وتنشط الدورة الدموية في جسد الخملان. لكن الشباب الذين يقفون خلف ما تنتجه "عربة البليلة"، لهم قصة أكثر دفئا ونشاطا بدأت منذ قرروا مقاومة البطالة وعدم وجود فرص للكسب في قريتهم بمحافظة سوهاج، وجاءوا إلى العاصمة حتى يتذوق ذبائئهم حلو المذاق من نتاج عملهم الذي يبحث عنه زبون مختلف.
ضد البطالة والفقر
الأشقاء الثلاثة وأكبرهم عصام محفوظ، الذي بدأ الرحلة منذ سنوات، جاء ليعمل أولا مع أحد اقرباءه، لكنه تعلم مع الوقت كيف يصبح من صناع البليلة المهرة، هؤلاء الذين يبحث عنهم الزبائن، وإذا ما وجدوهم اعتادوا زيارتهم للحصول على نكهة ومذاق وطعم، وأيضا ودفئ تناول مشروب بحجم وجبة.
"عربية البليلة هي رأس مالنا"
عربية بليلة هي رأس مال الأشقاء الثلاثة، ونتاج كفاحهم لأعوام مضت، منذ الصباح الباكر يبدأ الشباب في تجهيز تلك الوجبة التي يحبها المصريون كثيرا في فصل الشتاء، وهي البليلة التي تجذب قلوب المصريون لما لها من مذاق خاص.
عصام محفوظ، هو أول من قرر مغادرة قريته بمحافظة سوهاج قبل أن يحلق به أشقائه، حينها لم يكد يكمل عامه العاشر بعد، حتي ضرب موعدا مع تعلم حرفة جديدة وهي صناعة العصائر، تلك المهنة التي كان يعمل بها عمه: "اشتغلت مع عمي، وعلمني الشغل، وعرفني إزاي أعمل عصير، وفضلت شغال فترة معاه، لحد ما شربت الصنعة، وفي الوقت ده كان اخواتي ليه صغيرين في البلد بيتعلموا".
عربية البليلة
بعد فترة قصيرة ترك"عصام" عمه، وقرر أن يعمل بمفرده: "ربنا كرم واشتغلت لوحدي، وبعد كده طورت من نفسي، كنت في الأول شغال علي عربية قديمة، على قد حالي يعني، كنت بشتغل موسم الصيف بس، بعمل عصير، سوبيا وتمر هندي، وعرق سوس، وفاكهة برضه، لحد ما ربنا كرم وقدرت أجذب زبون".
لمدة 20 سنه ظل يعمل في مجال العصائر الطبيعية حتي قرر أن يعمل في مجال صناعة البليلة لتوفير نفاقته أيضا: "اخواتي كانوا في ضهري طول الوقت، محمود معايا من سبع سنين ووليد زيه، كانوا بيخرجوا من الكلية يجوا يقفوا معايا علي العربية".
مع الرابعة عصرًا يبدأ الأشقاء في استقبال الزبائن، ويتواصل العمل حتي مطلع الفجر، ولا مجال للشكوى من برودة الجو في ليالي الشتاء، فـ«البليلة» هي ما يبيعونه ليشعر الزبائن بالدفئ.
تعليقات الفيسبوك