يعلو صوته الناطق بكلمات لا يفهمها إلا هو وطلابه المصطفون أمامه في انتباه شديد، فيخرج صداه من شرفة قاعة المحاضرات التي تتوسط مبنى إحدى الجامعات الأمريكية العريقة فيطغى على ضوضاء المارة بالطرقات، تثير لهجته فضولهم لاكتشافها -رغم اختلاف الجنسيات- رغم أنه لا تربطهم أي علاقة ببلاد النوبة إلا أنهم أقبلوا عليه من ملابسه ذات الطابع النوبي فانجذبت أعينهم لألوانها الزاهية، حتى بات سفيرا لأرض الذهب بين أبناء الشعب الأمريكي.
قبل نحو 7 سنوات، تقدم الشاب النوبي أحمد عوض الله الشهير بـ«أمادو» لمنحة برنامج «ATLF» التابع لهيئة «فولبرايت» الأمريكية لتدريس اللغة العربية بجامعات أمريكا، وكان الحظ حليفه بقبوله ضمن الفائزين بالمنحة الأمريكية، أعد عدته واستحضر مخزونه العلمي وغادر العاصمة المصرية متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليبدأ مرحلة جديدة في مسيرته المهنية، «دخلت ثانوي صناعي لضمان الوصول لكلية الهندسة حسب رغبة أهلي لكن مجبتش مجموع الهندسة ومن وقتها اشتغلت على نفسي وبقيت أحضر دورات تدريبية في اللغة العربية الفصحى وتنمية القدرات»، يقول الشاب النوبي في بداية حديثه لـ«الوطن» حتى اكتسب خبرة كافية في مهارات التواصل والإدارة.
أسس برنامجا للتبادل اللغوي بين المصريين والأمريكان في نادي النوبة العام
حب اللغة الإنجليزية تملك منه يوما بعد يوم، اجتاز دورات تدريبية حتى بات بارعا فيها ولم ينس أصوله النوبية رغم نشأته بالقاهرة، فأسس برنامجا للتبادل اللغوي بين المصريين والأمريكان في نادي النوبة العام، وفي غضون ثمانية أشهرعمل مساعد مدرس بالمجلس القومي البريطاني، ومضت سنوات خمس بعدها حتى أصبح محاضرًا للغة الإنجليزية بجامعة أسيوط.
قفزات علمية متتالية حققها الشاب النوبي، أهلته لاجتياز البرنامج التدريسي التابع لهيئة «فولبرايت» الأمريكية في عام 2014، لتدريس اللغة العربية بجامعات أمريكا، خطوة غير مسبوقة بالنسبة له، عالم جديد يطرق أبوابه دون رهبة، حتى وصل إلى مقر جامعتي «نوتردام و ويسترن كنتاكي» الأمريكيتين في تجربة تدريس جديدة مع طلاب ذوي جنسيات ولكنات مختلفة.
سافر لتدريس اللغة العربية في الجامعات الأمريكية عام 2014
يتجاوز طرقات الجامعة في عجالة، ليلحق بموعد المحاضرة، يُنثر أوراقه ليُلقي على الحضور علمًا أحبه، تلك الهيئة التي اعتاد الجميع رؤيته عليها لم تكن وليدة اللحظة، إذ تحمل بين طياتها ملامح سنوات طوال من السعي والاجتهاد، «كانت تجربة مختلفة وتحدي مع نفسي إني أنجح وأرفع راس بلدي قدام شعب مختلف عننا»، بحسب تعبيره.
في سبتمبر من عام 2014، اقترح عليه رئيسه المباشر في البرنامج التدريسي الأمريكي، تقديم محاضرة عن اللغة النوبية، «جمعت مادة علمية كويسة وبدأت أشرح للطلبة وكان معايا تي شيرت مكتوب عليه I Love nubia ولبسته وأديت الندوة بيه»، مقسمًا وقت المحاضرة على أجزاء «شرحتلهم معنى النوبة وتاريخها والقبائل النوبية والعادت والتقاليد»، وسط انبهار بدت ملامحه على وجوه الطلاب السامعين، بحسب وصفه.
المحاضرة النوبية الأولى نالت إعجاب الطلاب جميعًا، حتى طلبوا منه تكرارها مرة آخرى في الشهر التالي، «في المحاضرة التانية لبست جلابية نوبي وشغلتلهم أغاني نوبي ورقصوا كلهم».
رغبة في مساعدة الشباب من أهل بلده، دشن الشاب الثلاثيني قناة إلكترونية عبر موقع «يوتيوب» تحمل اسم«أمادو زون» لنشر الثقافة العربية الأصيلة وتعريف المصريين على الثقافات الآخرى، «بساعد الشباب بخبرتي لأني سافرت برا واتعرفت على ثقافات كتير»، بحسب وصفه.
تعليقات الفيسبوك