هناك في شارع الموازين بمنطقة روض الفرج، تصطف محلات عفا عليها الزمن إلى جوار بعضها، تنازع من أجل البقاء، تخوض معركة شرسة مع التكنولوجيا، التي حولت الموازين الحديد بشكلها القديم إلى أداة لم يعد لها استخدام، بعد أن طغى استخدام الموازين الديجيتال وأصبحت موجودة في كل المحلات حتى لدى باعة الخضار والفاكهة.
تجار الموازين يعانون من وقف الحال بعضهم مستمر بالمهنة والبعض الآخر حاول مجاراة العصر
يروي سيد عبد الراضي أحمد عزب، عن مهنة قضى فيها عمره كله: «أنا من مواليد 1940، اشتغلت مع أبويا من وأنا عندي 10 سنين يعني بقالي 70 سنة في مهنة ورثتها من والدي وورثتها لأولادي خاصة آخرهم أحمد ابني الصغير اللي بيساعدني وشغال معايا حاليا».
محل عم «سيد» من أقدم المحلات الموجودة في هذا الشارع، يحتوي على موازين متنوعة بين القديم والحديث الديجيتال الصيني: «كله دلوقتي بيشتري الصيني وبرضه لسه القديم له زباينه خاصة لقطع غياره، حتى في الأرياف هتلاقيهم بقوا يستخدموا الميزان الديجيتال أكتر من التقليدي في محلات الخضار والسوبر ماركت».
بملامح مصرية غلبت عليها تجاعيد السنين وآثار المهنة يحكي عم «سيد»: «الأسعار مبقتش زي زمان، كل حاجة غليت، طقم السنج الخمس قطع بين 2 كيلو وكيلو ونصف كيلو زمان كان بـ 44 قرش بعد ختمه من مصلحة الدمغة، دلوقتي طقم السنج بيوصل لـ65 جنيه، ناس كتير متعرفش أن الميزان لازم يتختم من مصلحة الدمغة قبل بيعه سواء الميزان التقليدي أو الديجيتال وكل 3 شهور مصلحة الدمغة بتبعت لمصلحة الضرائب ما تم ختمه».
آثار فيروس كورونا والغلاء طالت أيضا تجارة الموازين: «الموازين غليت عن زمان.. دلوقتي الميزان اللي حساسته واحد جرام بيتباع بـ82.5 جنيه والميزان الصيني بـ200 جنيه والميزان التقليدي الفرنساوي بعد ما كان بـ98 قرش زمان بقى بـ140 جنيه عشان الخامات غليت والرسوم كمان».
تصطف محلات بيع الموازين على الصفين، وبحسب مختار سيد عبد الجليل، الذي يمتلك أيضا محل ورثه عن والده ويعمل بالمهنة منذ 45 عاما فإنه يعاني أيضا من وقف الحال ويقول: «البيع مبقاش زي زمان وكل حاجة غليت حتى العامل مش عارف أقبضه».
على الجانب الآخر هناك من استطاع أن يطور نفسه ويحارب من أجل البقاء ومجاراة التكنولوجيا، منهم محمد أحمد عبد الراضي، الذي يقف في محل والده، اتجه في بداية حياته لتجارة الملابس ولكن لكبر سن والده أصبح يساعده في تجارة الموازين: «بنتاجر في الموازين الحديثة الصيني والتايواني والسويسري، عندنا أنواع كثيرة ومختلفة من الموازين الديجيتال الحديثة مثلا ميزان للذهب لحد 200 جرام حساسته واحد من ماية مللي وميزان للأكل قبل طبخه بيخص أكتر الناس اللي بتروح الجيم وبيعملوا ريجيم وميزان للخضار والفاكهة وميزان شخصي لقياس وزن جسم الإنسان حمولة 180 كيلو وميزان اسمه هوك يستخدم للشنط في الجمارك والمطارات وميزان آخر اسمه (واحد هوك) يستخدمه الجزارين».
«محمد» الذي قضى سنة في مهنة والده محاولا فهمها والتفوق فيها بارا بوالده ولمساعدته يشرح: «الديجيتال دخل في كل الموازين حتى الميزان الطبلية البلدي بقى الكتروني، بنضع له شاشة وخلية زي مثلا ميزان المواشي بيتم تعديله وبنركب له أربع خلايا وشاشة وساعات ييجي عميل يطلب طبلية عمولة متر وربع×متر وربع أو متر ونص×متر ونص والتي تستخدم للورق والبلاستيك، بنصلح كمان الموازين وعندنا قطع الغيار اللازمة سواء شاشات أو خلايا أو أرجل وقوائم للموازين».
تحدث أيضا عن أهمية ختم الموازين: «الميزان لازم يتختم كل سنة ورسومه بتختلف كل سنة، بجمع الموازين اللي عايزة تتختم وبروح مصلحة الدمغة وأختمهم وأحصل على الرسوم من الزباين سواء اشتروا الميزان نفسه من عندي أو من عند غيري».
تعليقات الفيسبوك