كفان رقيقان صغيران، ممسكان بعجلة القيادة، وقدمين مثبت أناملهما أعلى «دواسة الفرامل» الخاصة بالتوكتوك، تتحكم في مسيره بحركات ديناميكية، اعتادتها الفتاة الصغيرة، التي لم تنه تعليمها بالصف الخامس الابتدائي، بشكل لا إرادي، دون شعور بالخوف من الطريق السريع المتجهة إليه، كل ما يجول بخاطرها الطفولي الذي شب قبل أوانه، هو رزق يومها لمساعدة أسرتها بقليل من الجنيهات.
معاش أبويا موقوف وبيتنا هيقع
ملامح أنثوية ممزوج بالبراءة، في جسد صغير يحمل في طياته صفات الرجولة، المتمثلة في تحمل المسؤولية، متجاوزة فكرة الاستمتاع بمرحلتها العمرية مثل أقرانها من الأطفال، إذ تبدأ نورا أحمد، البالغة من العمر 11 عاما، ابنة مركز الحسينية بمحافظة الشرقية، يومها منذ الساعة السادسة صباحا، في قيادة «التوكتوك»، بعدما أصبح والدها قعيدا بالفراش، إثر تعرضه لحادث سير قبل أعوام.
وبصوت ناعم بريء، تعبر نورا أحمد، الطالبة بالصف الخامس الابتدائي لـ«الوطن»، عن عدم خوفها من قيادة «التوكتوك»، وإيصال الزبائن لمكانهم المرغوب، معبرة عن أن كل ما ترغبه لإنقاذ طفولتها عودة معاش والدها الموقوف، وتصليح سقف منزلهم، فضلا عن توفير مصدر رزق لها، يعين أسرتها على متطلبات الحياة.
تعيش نورا، مع أبيها وأمها وأشقائها الأربعة، ولم يعطلها البحث عن قوت يوم أسرتها، عن تحصيل دروسها، فكانت فكانت تذهب إلى مدرستها أثناء انتظام الدراسة، لكن مع تأجيل الامتحانات، أصبحت تخصص جزءًا من يومها للدراسة: «لما بيكون مفيش مشوار، بقعد أذاكر في البيت، وساعات بساعد ماما».
«عم أحمد»: ما باليد حيلة
والد الصغيرة، ليس بيده حيلة، بعدما أصبح طريح فراشه ولا يتحرك، لكنه يحاول دعم ابنته، بإرسال شقيقها الأصغر معاها، حتى لا تكون وحيدة في مواجهة الناس، إذ يقول «عم أحمد» لـ«الوطن»: «ما باليد حيلة، هنعمل إيه، بخاف عليها طبعا، لكن عشان نلاقي مصدر رزق لينا».
قرب المغرب هو آخر موعد، تخرج فيه «نورا» لتوصيل إحدى الزبائن بمحيط قريتها الصغيرة، حرصا من والدها عليها، بحسب تأكيده.
تعليقات الفيسبوك