أثر فيروس كورونا على كل أشكال الحياة، ومنها التعليم الذي صار جزء كبير منه "أونلاين" حفاظا على صحة الأطفال، والتزاما بإجراءات التباعد الاجتماعي التي قررتها وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم.
ولكن فى المناطق العشوائية والفقيرة كان الأمر مختلفا، ومليئا بكل أشكال المعاناة، فالأطفال في تلك المناطق لا يحاربون الظروف المالية فقط لاستكمال تعليمهم، ولكن الظروف الصحية والاجتماعية أيضا.
وبعد ظهور الكورونا، صار الأمر صعبا، وكادت بعض الأسر أن تستسلم، خصوصا أنها لا تملك الأدوات التكنولوجية التي تمكنهم من التعليم عن بعد، فكانت مبادرة "العزبة أونلاين" التي أطلقتها مؤسسة رواد التنمية من أجل سكان منطقة عزبة خيرالله.
توفير حاسبات إلكترونية مجانا
توفير حاسبات آلية، وأجهزة "لاب توب"، و"تاب" للطلاب في تلك المنطقة، هو الأساس الذي تقوم عليه الحملة، ولكن من خلال التبرع، بحسب أحمد ناصر، مدير مؤسسة "رواد التنمية" في مصر الذى شرح الفكرة.
يقول ناصر، "عزبة خيرالله من المناطق الفقيرة والعشوائية في القاهرة والتي نهتم بتطويرها، خصوصا من الناحية التعليمية، فالمنطقة يوجد بها مليون نسمة، بينما توجد بها مدرسة واحدة فقط، تعمل بنظام الـ3 فترات، من أجل مواكبة العدد الهائل من الطلاب، وبعد ظهور فيروس كورونا، بدأ التعليم عن بعد، يؤثر على الكثير من الأسر سلبيا، لأن بعضهم لا يمتلكون أجهزة كمبيوتر، وبالتالي لا يعرفون استخدام التكنولوجيا، مما جعلنا نفكر في المبادرة".
الأبحاث كشفت عمق الأزمة
كانت الأبحاث التي حددتها وزارة التربية والتعليم كوسيلة لنجاح الطلاب هي المفتاح الذي كشف للقائمين على المبادرة، بحسب أحمد ناصر، مدى عمق الأزمة التي يعاني منها سكان عزبة خيرالله، فالكثير من الطلبة كانوا لا يستطيعون عمل الأبحاث، والنتيجة أن بعض المدرسين استغلوا الأمر وبدأوا يطلبوا أموال من أجل صنع الأبحاث للطلبة لكي يحصلوا على درجات النجاح، "كان سعر البحث الواحد يتخطى الـ200 جنيه، وخفنا من فكرة التسرب من التعليم، فقررنا من خلال المعمل الذى نملكه، فى المنطقة أن نساعد الطلبة على صنع الأبحاث مجانا، مع بداية هذا الفصل الدراسي".
باقات مجانية تصل لـ8 جيجا
لم يكن ذلك كافيا بحسب "أحمد"، فالأبحاث ليست الوسيلة الوحيدة التي قد تساعد الطلبة على الاستمرار في دراستهم، فبدأوا يوفرون للطلبة "باقات إنترنت" تصل إلى 8 جيجا، من أجل حضور دروسهم أونلاين عبر "زووم" وغيره من الوسائل التكنولوجية، " نجح الأمر مع بعض الطلبة بالفعل، ولكن تبقى المشكلة الأساسية وهي أن هناك عدد كبير من الأسر لا يملكون أجهزة كمبيوتر أو تاب لمواصلة الدروس أونلاين، ومن هنا تبلورت فكرة حملة العزبة أونلاين".
التبرع بـ20 حاسبا آليا
كما تمت دعوة المواطنين ممن يملكون أجهزة "حاسبات" إلكترونية و"تاب" قديمة، للتبرع بها، وهو الأساس الذي قامت عليه الحملة، وبالفعل استجاب عدد لا بأس به من المواطنين، ووصل عدد الأجهزة التي تم التبرع لنحو 20 جهاز.
يقول ناصر، "استطعنا أن نوفر 20 جهازا، لـ20شخصا، وهو رقم ليس قليل، لأنه من خلال الدراسة المسحية، فالجهاز الواحد يخدم أكثر من شخص، خصوصا أن نشر فكرة التعليم ليست موجهة للأطفال فقط بل لأكثر من فئة، الشباب وكبار السن من خلال شهادات محو الأمية".
رواد التنمية تطبق مبدأ "فيد واستفيد"
الحلم الأكبر لمؤسسة رواد التنمية، بحسب أحمد ناصر، هو نشر فكرة "فيد واستفيد"، فلا يقتصر الأمر على تعليم الأطفال، بل أيضا تقديم المنح التعليمية للأكثر فقرا واحتياجا، لمدة عامين وبعد انتهاء المنحة، يكون هناك شرط وحيد وهى أن يقوم الحاصل على المنحة بتعليم أطفال المنطقة مجانا، "نعلم الناس أهمية التكافل والترابط الاجتماعى، وتأثير التعليم العظيم فى تغيير مستقبلهم، من خلال فكرة المنح، والنتيجة كانت مبهرة، فهناك أشخاص بعد انتهاء المنحة، وبعد الانتهاء من تعليم الأطفال مجانا، قرروا التطوع مرة أخرى دون مقابل وهدفهم تطوير المنطقة".
تعليقات الفيسبوك