تدخل أحد المطاعم رفقة صديقتها، تجتاز بوابته بمفردها، تتحسس بأناملها الرقيقة الأماكن المحيطة لتحدد مقعدها دون مساعدة، حيث يعرض عليها العاملون بالمطعم قائمة الوجبات التي يقدمها، لتشعر بعجزها أمامه، فهو خاص للمبصرين، فقررت ألا تستسلم لعجزها أمامه، لتقوم بتغيير ذلك بإرادتها وعزيمتها.
ذلك المشهد المتكرر تتعرض له هبة رحمي، البالغة من العمر 19 عاما، وطالبة الألسن بقسم الألماني، كلما وطأت قدمها عتبة المطاعم، فلم تعتد أن تحتاج إلى من يساعدها، تفضل الاعتماد على نفسها في حياتها مثلما حدث باقي حياتها، بعدما والدت وهي فاقدة للبصر.
العام الماضي، كانت المرة الأولى التي تطرح فيها "هبة"، فكرتها بتوفير قائمة وجبات المطاعم "المنيو" بطريقة برايل، حيث عرضت فكرتها على إحدى الجمعيات المهتمة بنشاط المكفوفين في محافظة قنا مسقط رأسها، لكنها لم تنفذ حينها، لتقرر مرة آخرى قبل فترة قليلة من عرضها على أحد مطاعم المحافظة الذي تحمس لها.
16 ساعة قضتها "هبة"، وهي تعمل على تنفيذ "المنيو"، بنفسها، حيث كتبته يدويا بعدما حصلت على وجبات المطعم، فتعطل ماكينة طباعة برايل الخاصة بها لم يعطلها عن تنفيذ فكرتها التي طالما حلمت بها، "حماسي للفكرة خلاني اشتغل عليها بأيدي".
لم تفكر في أن تنفذ فكرتها فقط، بل عملت على إضافة لمسة جمالية لها، باختيار أوراق ذات ألوان جذابة، بعيدا عن اللون الأبيض التقليدي، فأرادت أن تنال إعجاب المكفوفين والمبصرين على حد سواء، "اخترت اللون اللبني عشان بيقولوا عليه جميل ويعجب أغلب الأذواق".
طموحات "هبة" لا حد لها، فتتمنى أن تعمم فكرتها ليس داخل مطاعم محافظة قنا فقط، بل لكل المطاعم المصرية والعالمية، وفي كل نواحي الحياة التي يعيشها الشخص الكفيف، "أنا بحلم بفكرة الإتاحة تفتح لنا زي غيرنا، في كل حاجة أحنا ممكن نستخدمها".
النشرة الطبية بطريقة برايل.. طموح آخر تحلم ابن الـ19 عاما بتنفيذه، وهو أن تكون كل النشرات الطبية في الأدوية بطريقة برايل، وهو ما دفعها للتفكير فيها أن شقيقتها اشترت "كريم" مستورد من الخارج، تفاجأت أنها مكتوبة بطريقة برايل، "طرحناها ضمن أفكارنا، لكن تنفيذها صعب لأنه محتاج قوانين والتعامل مع شركات كبيرة".
تعليقات الفيسبوك