عملَت لسنوات طويلة داخل البيوت، تشقى وتتعب لتزويج أبنائها الثلاثة، تقف على قدميها بالساعات لا تذوق طعم الراحة، أملاً فى أن تُربي أولادها ليساندوها في كبرها، لم تكن تتوقع شافية محمد بعد بلوغها الـ70 عاماً، وإصابتها بخشونة في الركبة، أن تجد نفسها على الرصيف، تعيش بين المارة، بعد أن تخلى عنها أبناؤها، تشكو قسوتهم: "كان كل همي أشوفهم في أحسن حال، عمري ما تخيلت يسيبوني في الشارع".
وجدت السيدة السبعينية نفسها وحيدة في شوارع حي العجوزة، بعد أن هجرها أولادها، تجلس على الرصيف وأمامها علب المناديل، وبجانبها شنطة حريمي صغيرة وعصا تعينها على الحركة، فبعد أن ضحت بحياتها من أجل أبنائها الثلاثة وزوَّجتهم، عاشوا حياتهم ونسوها، وانتهى بها المطاف على الرصيف: "عندي ولدين وبنت، جوزي اتوفى من سنين، اشتغلت في البيوت كتير عشان أفرح بيهم وأجوزهم، اشتغلت من البيت ده للبيت ده، الناس يقولوا لي تعالي بروح لهم أشتغل عندهم، كل ده عشان أجوّزهم، بعد كده نسيوني، وكل واحد عاش حياته وسابني".
تحاول "شافية" السؤال عن أبنائها كل فترة، لكنهم لا يعيرونها اهتماماً، حتى بعد أن مرضت: "جالي خشونة من شغل البيوت، وبعد كده الضغط والسكر وتعب في الكلى، في عيد الأم محدش فيهم بيسأل عليّا، محدش قالي عاملة إيه، ولا عاوزة علاج ولّا لأ، ده الغريب في عيد الأم اللي فات سأل عليّا ولمّ لي فلوس، وفي مرة بعَتّ لابني حد عشان يجيب لي منه فلوس، إداني 10 جنيه".
تذهب "شافية" من بولاق أبوالعلا إلى حي العجوزة 3 أيام في الأسبوع، وتستريح باقي الأيام، لأن فرصة حصولها على رزقها في هذه المنطقة أكثر: "المواصلات بتتعبني، ونفسي في دار مسنين أعيش فيها".
تعليقات الفيسبوك