على مدار الأشهر القليلة الماضية، يقاتل العالم كله فيروس كورونا اللعين الذي يثير الخوف ويحتل الأجساد بشكل وسريع، في حرب مستمرة ولا تقل ضراوة عن الحرب العالمية، فلا يوجد فارق بينهما، فالحرب والفيروس كلاهما يتسبب في مقتل البشر وتعذيبهم، وأيضا كلاهما يمكن الانتصار عليه، وخير مثال على ذلك هو الجد "بيل كيلي"، الذي نجا من جحيم الحرب العالمية وتعافى من الفيروس القاتل.
بيل كيلي، رجل أمريكي بالغ من العمر 95 عاما، شارك في الحرب العالمية الثانية، كمهندس في البحرية الأمريكية، وتحديدا في الكتيبة 53 المرتبطة بالقسم البحري الثالث، وتمركز في جنوب المحيط الهادئ وتخصص في بناء الطرق ومهابط الطائرات وما إلى ذلك.
يوم الأحد 15 مارس الماضي، لاحظت روز إثيرينجتون، حفيدته التي يعيش معها برفقة طفليها وزوجها وأمها، في ولاية أوريجون، أن جدها لا يستطيع النهوض من السرير، وسألته إذا كان بخير، فقال "بصراحة، أنا لا أشعر بارتياح"، ثم أخذت درجة حرارته ترتفع، وأصيب بحمى خفيفة.


روز، البالغة من العمر 41 عاما، تقول لـ"الوطن": "لأن جدي يعاني من مشاكل صحية كامنة مثل أمراض القلب والكلى من المرحلة الثالثة وارتفاع ضغط الدم، اتصلت بطبيبه، وبسبب سنه الكبير، وقالوا إن علينا أن نأخذه إلى المستشفى، وبمجرد وصولنا إلى هناك، وجدنا الأمر مخيفًا بعض الشيء لأنهم أخذوه ولم يسمحوا لأي منا بالذهاب معه".
ظل الجد كيلي طوال تلك الليلة في المستشفى، وأجرى له الأطباء الكثير من اختبارات الدم، والسبب الوحيد الذي جعلهم يختبرونه لـ كوفيد-19، هو أن زوج حفيدته، إسحاق إثيرينجتون، البالغ من العمر 42 عاما، يعمل طيار إخلاء طبي وينقل مرضى كوفيد-19.


في ذلك الوقت، كان هناك نقص في الاختبارات، لذا سمحوا له بالعودة إلى المنزل وانتظار النتائج، ثم تلقى يوم الثلاثاء 17 مارس نتيجة اختباره الإيجابية، لذا توجب أن يبقى في حجر صحي في غرفته لمدة أسبوعين، وتم شفائه مطلع الشهر الجاري.
"توجب علينا جميعًا أن نكون معه في الحجر الصحي، وعملت أنا وزوجي معًا على الاعتناء به، مع اتخاذ الاحتياطات القصوى، سواء ارتداء الأقنعة أو التعقيم المستمر، للتأكد من أننا لن ننشر المرض بيننا ونصاب بالعدوى، وخاصة للأطفال"، بحسب الحفيدة روز.


يحكي الجد بيل كيلي لـ"الوطن"، خلال مكالمة فيديو عبر الإنترنت: "كان الأمر صعبًا ولكننا تغلبنا عليه، بعد أن قضيت بضع ليال أعاني من آلام جسدية رهيبة تبقيني مستيقظًا طوال الليل، وضعيفا خلال النهار، لذلك اهتمت بي عائلتي وتأكدوا من أني أتناول الكثير من السوائل".
أمضى كيلي الحجر الصحي لمدة أسبوعين يستريح في غرفته، وخلال الأسبوع الثاني، صار قادرًا على الجلوس، وتضيف حفيدته "بدأ يقرأ الجرائد وينظر في الكلمات المتقاطعة ويحلها، وكان هناك يومان طقسهما مشمس، لذلك أعددنا كرسيا في الشرفة يطل على الحديقة حتى يتمكن من الحصول على بعض فيتامين د".

يقول الجد بيل إن مشاركته في الحرب العالمية الثانية كانت بالتأكيد أكثر صعوبة من معركته ضد كورونا "كنت صغيرا، عمري 18 سنة، ورأيت أشياء رهيبة، وظللت بعيدا عن منزلي لمدة 3 سنوات، ولكن العيش خلال الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية هو ما ساعدني في هزيمة كورونا".
واجه الجد بيل كيلي المرض بكل بسالة، وأسلحته كانت "المفتاح هو أن تكون إيجابيًا، وأن تبق على مقربة من عائلتك وتساعدوا بعضكم البعض، فسماع حفيدي، تشيس وباكس، وهما يلعبان خارج باب غرفتي ساعدني في التغلب على المرض، وأن تصلي كثيرًا، وأيضًا الاستماع إلى أولئك الذين يعرفون كيفية التعامل مع هذا الفيروس، المهنيين الطبيين، وتنفيذ ما يقال لك".

تحمل الحرب العالمية ذكريات كثيرة في نفس السيد بيل، استعادها أثناء إصابته بكورونا، ويحكي أبرزها قائلا "عندما هبطت لأول مرة على جزيرة جوام في المحيط الهادئ، وكنت جزءًا من الغزو، حفرت خندقا صغيرا بسبب ظروف المكان، أنا ومجموعتي، حتى نتمكن من تنظيم تحركنا، ومنه أيضا نرصد بقية الفصائل".
من الخندق الصغير رأى كيلي معسكرا يابانيا لم يكونوا على علم بوجوده، وظل يراقبهم فترة، وفجأة، مات كل من كان في هذه المعسكر الياباني، ورأى الجد كيلي كرة نار تنهمر عليهم بشكل مخيف وتمزقهم إربا "شممت رائحة الجثث المتحللة، وأصابني هذا المشهد بألم فظيع في نفسي، وظلت هذه الصورة تطاردني".
تعليقات الفيسبوك