هي شرارة انطلاق الفيروس الذي اجتاح العالم، ومنبع تصديره للدول الأخرى بسبب أكلهم للعديد من الحشرات والحيوانات، حيث أرجعت بعض الدراسات تفشي فيروس كورونا إلى أكل الصينيين للخفافيش أو آكل النمل الخرشفي.
تناول الصينيين لجميع أنواع الحشرات ومعرفتهم بالأكلات الغريبة التي تعد تراثا لديهم، تسبب في تساؤل الكثيرين حول سر ذلك، وهو ما وثقه كتاب "مجاعة ماو الكبرى" كما تحدث عنه موقع "quora"، ساردين الأسباب وراء تناول الصينيين للأطعمة الغريبة.
سر أكل الصينيين الحشرات والقوارض
السبب المباشر في خلق تلك الثقافة والعادات هو المجاعات، التي كان بدايتها عام 108 قبل الميلاد، واستمر تزايدها بنسب متفاوتة، كل سنة تقريبا، وكان حدوثها يخلّف أزمة عنيفة جدا في الموارد الغذائية، ومن هنا بدأوا في اﻻعتماد على أي شيء يصلح للأكل.
وخلال الأربعينيات من القرن العشرين، بعد وقوع الغزو الياباني، ثم الحرب الأهلية الصينية أصبح الوضع أكثر سوءا على معيشة الناس، ومع حالات القتل والتنكيل والتعذيب والفقر والجوع اعتمد الشعب على أكل أي كائن يقابلونه، وتم تسجيل حالات موت جماعي في مناطق متفرقة لعدم توفر الغذاء، أو فشل بعض الصينيين في هضم أوراق الشجر، أكلوا الحشرات حية، وغدوا مطاردين للقطط وللكلاب في الأزقة والحواري لقتلها وأكلها.
ومع ازدياد عدد السكان في الصين بشكل متضاعف، ومع الفقر المنتشر آنذاك نشأت حالة من اﻻعتماد على كل ما تقدمه الطبيعة، وتزايد اعتمادهم على الكائنات التي تعيش في أراضيهم، وفي نهايات الحرب اليابانية في الأربعينات أصبح المطبخ الصيني يضم كل الحيوانات البرية بشكل شبه أساسي، وبدأوا في طبخها بطرق غريبة ولاقت هذه الأطباق رواجا شديدا عند قطاع عريض من الشعب، كما تم حشد الشعب الصيني لقتل الطيور، فكانوا يخرجون جماعات لمطاردتها.
المجاعة تسببت في عادات الشعب الصيني المضرة
وعند ظهور المجاعة الصينية الكبرى من سنة 1958م لسنة 1962م، ومع فرض الحظر على الممتلكات الخاصة تدهورت حياة الفلاحين فلم يكن القرويون يتمكنون من توفير كمية كافية من الطعام من أجل الاستمرار في الحياة، حيث تم حرمانهم من الوسائل التقليدية المرتبطة بتأجير أو بيع أو استخدام الأراضي، ووقعت حوادث عنيفة جدا خلال تلك الحقبة الزمنية، سواء في القرى أو المدن الرئيسية، وهذا بالتوازي مع الكارثة البيئية المستمرة بلا هوادة، استمرت أشغال السخرة والتعذيب من دون أي راحة أو غذاء، عمل في عمل في عمل، ليلا ونهااً، وفي كل وقت، وخاصة مع تفعيل نظام البلدية، التي بقي كل همها "تستيف" الورق وشحن المخازن بالحبوب والغلال، كانوا يجبرون الشعب على السير حفاة عراة.
وواقعيا، لم يجد شعب الصين لقمة جافة لسد جوعه، وهنا اعتادوا أكل جميع الكائنات الحية، فأكلوا الكلاب والقطط والفئران والسحالي والثعابين والخفافيش والحشرات، اصطادوا السمك، ومصمصوا القواقع، ومضغوا وبلعوا أوراق الشجر وأغصانه التي تصلح للهرس، ونهشوا حشيش الأرض بكل أنواعه، وتم تسجيل حالات أكل لحم بشري أو جثث، كما أكلوا الحيوانات النافقة، ورغم كل هذه الكائنات والحيوانات التي أكلوها فقد مات الملايين، التقارير الصينية نفسها تؤكد موت نحو 20 مليون إنسان، رغم أن هناك تقارير دولية قالت إن العدد وصل لـ40 مليون شخص أو يزيد.
وصنعوا مصائد ﻻصقة للجراد والفئران التي يصطادونها والتي تحولت لوجبات، وتفننوا في طرق طبخها وأكلها، حتى وحد الجوع عادات الناس مع بعضهم، ولم يعد هناك خجل من ذلك وقد تمسك الصينيون بالعادات الشاذة تلك في الطعام، رغم كل الأمراض التي تُسببها، ولعقود طويلة ترسّخ في ذهن هذا الشعب أن هذه الكائنات هي سبب إنقاذهم في وقت المجاعة الكبرى.
تعليقات الفيسبوك