مازال هناك الكثير من الأسرار التي لا نعلمها عن المخ
نحن نعتمد على المخ في كل تفاصيل حياتنا، ولولاه لما استطعنا أن نبقى على قيد الحياة ثانية واحدة، ولا أن نفعل أي شيء، المخ يحكم أجسادنا ويصدر أوامره لكل أعضاء جسدنا، كما أنه يتحكم في مشاعرنا ويساعدنا على التعبير عنها، وعلى الرغم من التقدم العلمي الكبير الذي وصلت إليه البشرية، إلا أنها ما زالت لا تعلم إلا القليل عن هذه المعجزة المسماة بالمخ، وما زالت الاكتشافات العلمية المتعلقة به تتوالى، لتبين لنا قدرات جديدة مذهلة لذلك الكمبيوتر الطبيعي الخارق، وهذه هي أبرز الحقائق التي اكتشفها العلماء عن المخ في 2019، وفقاً للتقرير الذي نشره موقع "Live Science" الإلكتروني.

1- الأحلام الغاضبة
يمر البشر بالعديد من الأفكار والمشاعر في أحلامهم، بما في ذلك الشعور بالغضب، وقد اكتشف الباحثون أنه من خلال تحليل نشاط الدماغ ، فإنه يمكنهم معرفة ما إذا كان الشخص النائم يمر بحلم يتضمن الشعور بالغضب أم لا.
. فحص الفريق منطقة من المخ تعرف باسم "الفص الجبهي"، وهي تساعد على التحكم في التعبير عن المشاعر وحل المشكلات، وتشير النتائج التي حصلوا عليها إلى أن النشاط غير المتكافئ في الفصوص الأمامية للدماغ أثناء النوم وقبله قد يشير إلى أن الشخص يعاني من أحلام غاضبة.
عندما نكون نيام، يطلق الدماغ موجات كهربائية عصبية، تعرف باسم "موجات ألفا"، يتراوح ترددها بين 8 هرتز و 12 هرتز، وعندما يحدث عدم انتظام في اصدار كلاً من فصي الدماغ الأماميين لهذه الموجات، فإن هذا يدل على مرور الشخص النائم بموقف في الحلم يتضمن مشاعر قوية، وقد وجد العلماء، بعد دراسة تضمنت 17 شخصا، أن الأشخاص الذين كانت موجات ألفا في فصي دماغهم غير منتظمة أكدوا أنهم مروا بأحلام تضمنت لحظات غضب.

2- انكماش حجم المخ عند الانعزال
وجد الباحثون الذين أجروا دراسة متعلقة بالجهاز العصبي، أن المستكشفين الذين أمضوا سنة كاملة في القارة القطبية الجنوبية، قد عادوا من بعثتهم الاستكشافية بمخ أقل حجماً ووزناً مما كان عليه قبل سنة، قبل بداية رحلتهم الاستكشافية.
اكتشف العلماء أيضاً أن أمخاخ المستكشفين كانت تحتوي على نسب متناقصة من البروتين brain-derived neurotrophic factor (BDNF)، والذي يدعم نمو وبقاء الخلايا العصبية ويساهم في إنشاء روابط جديدة في الدماغ لتخزين المعلومات وربطها ببعضها البعض، ويحاول العلماء الآن التوصل لطرق لتقليل الأضرار الناتجة عن الانعزال لقترة طويلة، مثل التمرينات الرياضية أو تقنية الواقع الافتراضي، لحماية المستكشفين في المستقبل من هذه الأضرار.

3- إحساس المخ بالمجال المغناطيسي
في دراسة نشرت في مارس الماضي، فحص مجموعة من الباحثين أدمغة 34 شخصًا شاركوا في تجربة، تضمنت جلوسهم في غرفة اختبار مظلمة معرضة لحقل مغناطيسي صناعي، وقد أظهرت تحاليل الدماغ أن 4 من المشاركين الـ 34 أظهروا تفاعلًا قويًا مع التغييرات الحادثة بالمجال المغناطيسي، وبالتحديد التغير من الشمال الشرقي إلى الشمال الغربي.
أظهر هؤلاء الأفراد الأربعة انخفاضًا ملحوظاً في موجة من موجات الدماغ، بطريقة تشير إلى أن الدماغ قد التقط إشارة أو تغير ما، وهو ما استنتج العلماء أنه التغير بالمجال المغناطيسي، لكن العلماء مازالوا عاجزين عن تفسير كيفية التقاط المخ للمجال المغناطيسي والتغير الذي حدث به، ومازالوا عاجزين عن تحديد السبب الذي جعل نسبة قليلة من المشاركين هي القادرة على استشعار هذا المجال، إلا أن التفسير المحتمل حالياً هو وجود العديد من الجزيئات المغناطيسية بالمخ، طبقاً لما اثبتته دراسات سابقة، ربما تكون هي المسئولة عن قدرة المخ على الاحساس بالمجال المغناطيسي والاستجابة لتغيراته.

4- قدرة المخ على تعويض الأجزاء الناقصة منه
يتمتع الدماغ بقدرة رائعة على التغير والتكيف، وتتمثل هذه القدرة بشكل جلي في النتائج التي تم الحصول عليها من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين خضعوا لعملية إزالة لنصف المخ في طفولتهم، كوسيلة لمكافحة نوبات الصرع الشديدة والمتكررة.
حلل الفريق العلمي أدمغة ستة بالغين في العشرينات والثلاثينيات من العمر، كانوا قد خضعوا لعملية إزالة أحد فصي المخ عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 3 أشهر و 11 عامًا، وقارنوا النتائج بأشخاص آخرين يتمتعون بأمخاخ سليمة.
وجد الباحثون أن قدرة كل منطقة من مناطقي المخ على العمل، مثل المنطقة المسئولة عن الرؤية أو المشاعر، كانت تعمل بشكل كامل وبدون أي مشاكل في الأشخاص الذي يمتلكون نصف مخ واحد، وبطريقة مطابقة تماماً لهؤلاء الذين لمكون مخاً كاملاً، بل إن النتائج أثبتت وجود نشاط زائد في بعض المناطق في حالة الأشخاص الذي يملكون نصف مخ فقط، بطريقة تشير إلى أن المخ قد رفع من قدراته ولتعويض النصف الناقص.

5- إحياء مخ ميت
نجح العلماء أخيراً في استعادة سريان الدورة الدموية والنشاط الحيوي بخلايا المخ في أدمغة عدد من الخنازير بعد ساعات من موتهم، وتعود أهمية هذه التجربة إلى أنها تتحدى المفهوم الأساسي في علم الطب بأن المخ يتعرض بعد الموت لأضرار مادية سريعة غير قابلة للإصلاح، وتثبت أن موت الخلايا يحدث على مدى فترة زمنية أطول مما كان العلماء والأطباء يعتقدون سابقاً، وأن عملية الموت هذه يمكن حتى أن يتم ايقافها أو عكسها.
طور الباحثون نظامًا لدراسة المخ بعد الوفاة، يسمى بنظام "BrainEx" ، يعتمد على ضخ دم اصطناعي في شرايين الدماغ، حيث قاموا بضخ هذا المحلول في 32 من أدمغة الخنازير بعد 4 ساعات من موتهم، وتركوا المحلول في المخ لمدة 6 ساعات، وقد جدوا أن هذا النظام يحافظ على بنية خلايا المخ ويقلل من معدل موتها ويعيد بعض الأنشطة الخلوية.
على الرغم من أن الباحثين أكدوا أنهم لم يلاحظوا أي نوع من النشاط العصبي يشير لحدوث حالة من الوعي أو الإدراك بالمخ ، إلا أن النتائج تعتبر ذات أهمية عظيمة، وتغير من العديد من المفاهيم الجذرية في الطب والعلوم الحيوية، ويرى البعض أن نتيجة هذه التجربة تفتح الباب أمام التساؤل حول المعنى الحقيقي للحياة، ومتى يمكن أن نصف كائناً بأنه حي، وهل يمكن إعادة كائن حي للحياة بعد موته.
تعليقات الفيسبوك