أربعة أيام لم تعرف عيناها النوم، سبقتها أعوام من البحث عن قدرة خاصة تميزها، لتجد سبيلا تحقق من خلاله ذات ابنتها، أو الوصول لنقاط قوة تعطيها مزيدا من الثقة بالنفس، فكان أن بدأت أفنان صالح الشرقاوي، منذ عام واحد ممارسة الرياضة، لتجد والدتها فيها ما يميزها وتعوض به ولادتها مصابة بالتوحد وبعض التأخر الذهني، لكن ما حققته بالحصول على ميداليتين ذهبيتين في بطولة العالم المقامة حاليا بأستراليا كان مفاجأة غير عادية.
مايسة محمد: أفنان بدأت بتأهيل حركي ووصلت للعالمية
التوحد مع التأخر الذهني بالإضافة إلى ضعف عضلات الجانب الأيمن، هي بمثابة عوائق جعلت من الدراسة أمرًا صعبا، بحسب وصف والدتها "مفيش تحصيل دراسي وكان لازم ندور على نقطة قوة"، إلا أن قبل ذلك كان يجب تأهيلها كي تتعلم الحركة والوقوف الصحيحين، فكان الالتحاق بإحدى مؤسسات التأهيل الحركي الذي جمع بينها وبين محمد رفعت، أخصائي رياضي وتأهيل حركي، فقرر ضرورة أن يزيد وقت التأهيل ليشمل تدريبات رياضية منذ 3 سنوات، ومع الوقت كانت استجابة "أفنان" وأقرانها ما دفع رفعت لتكثيف التدريب الرياضي.
امرأة أربعينية هي والدة عدَّاءة العالم في الجري مسافة 1500 متر ومسافة 800 متر، لكن الابتسامة التي لاحت على وجه أفنان مع كل تمرين جعلتها تقبل بشغف على ما يجعل ابنتها سعيدة هي وكل العائلة، فتارة تجري معها على الشاطئ وتارة أخرى تسافر معها معسكرات ترفيهية ينظمها المدرب أو تشارك في فعاليات تأهيل نفسي "أنا وأخواتها كنا بنظم وقتنا علشان ننفذ تعليمات المدرب لأنها كانت مبسوطة وحسينا إنها مابقتش مهمشة" بحسب حديثها لـ"الوطن".
وتحكي مايسة محمد، والدة أفنان "بنتي اتولدت توأم وكان تشخيصها إنها متأخرة ذهنيا شوية بسبب كونها توأم، لكن ده مكانش صح ولما عرفنها إنها احتياجات خاصة بقينا على الطريق الصح بتأهيل حركي وبعدها دخلت منافسات محلية في بورسعيد والسنة اللي فاتت بس كانت أول مرة تجيب بطولة وكانت أول جمهورية في الجري 400 متر و800 متر"، لتتابع حديثها لـ"الوطن"، أن ممارسة الرياضة كان لها تأثير إيجابي، فتحولت ابنة الـ13 عاما من طفلة تشعر بالتوتر في أي تجمع لأناس لا تعرفهم للإحساس بالثقة، وتبدل الحال من الخوف من الحركة بسبب صعوبتها إلى الاستعداد لتنفيذ كل التمارين التي يطلبها مدربها.
محمد رفعت: تمارين مكثفة.. وفي شهر قدرت في التمرين تحقق رقم المركز السابع السنة اللي فاتت وفي المسابقة كانت الأولى
بدأت أفنان، ابنة بورسعيد، التوجه للرياضة في عمر متأخر بالإضافة إلى صغر سنها بالنسبة لباقي لاعبي المنتخب الذي تبدأ أعمارهم من 18 عاما، لتحرز أولى ميداليات المنتخب، ما جعل ما حققته يأخذ طابعا خاصا "اتفاجئت بفوزها وكل بورسعيد فرحانة بيها واللي عملته ده حمس زمايلها وأهالي ذوي الاحتياجات هنا حسوا إن فيه أمل وخلت الروح المعنوية أعلى وشدوا في التمرين"، مضيفة "أثبتت إنها قد المسؤولية وزيادة لما راحت دولة تانية سفر 24 ساعة وتجيب ميداليتين".
بدأت بطولة العالم لذوي الإعاقة الذهنية بريسبان 2019 منذ أربعة أيام، سبقها محمد رفعت، مدرب أفنان، ووالدتها في البحث عن وسيلة لمشاهدة البث المباشر للمباريات، وبعد بحث لساعات متواصلة تمكنا من ذلك، بدافع الاطمئنان فقط عليها، ولم يكن يدور بخلدهما أن تحقق مركز أول في مسابقتين، "سفرها لأستراليا نفسه كان تحدي كبير ولأن كان فيه بنت محققة رقم أعلى منها وكان عندنا فرصة شهر بس علشان نكسر رقم التاسع على مستوى العالم السنة اللي فاتت وتقدر أفنان تسافر وبتمرين مكثف صبح وبالليل قدرت توصل لرقم السابع ويكون ليها حق سفر البطولة".
واختتم المدرب حديثه "كانت عاملة رقم المركز الـ13، وفي شهر وصلت للسابع وفي المسابقة كانت الأولى.. الحمد لله في الآخر عملت رقم أعلى وأخدت الميداليتين على مستوى مسابقات السيدات ولو قارنتها بكل لاعبي الإعاقة الذهنية في مسافة 800 متر هتكون هي ثالث العالم".
تعليقات الفيسبوك