"الخوف لا يمنع من الموت لكنه يمنع من الحياة"، هكذا عاش فلم يخاف السفر إنما كرهه، وتقول أم كلثوم نجيب محفوظ في حوار تلفزيوني معها إن والدها دائما ما كان "يكره السفر"، لكن الأديب الذي لم يسافر لاستلام أهم جائزة أدبية "نوبل" غادر مصر ثلاث مرات.
لم تغريه نوبل للسفر خارج مصر لاستلامها فأرسل ابنتاه يتسلماها عنه لكن الوظيفة والأوامر العسكرية والمرض أجباره على مغادرة الأراضي المصرية فخرج في ثلاث رحلات.
رحلة نجيب محفوظ إلى يوغسلافيا
كانت يوغوسلافيا أول بلد يقصده الأديب نجيب محفوظ في رحلاته، وكانت السفرية بأمر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وسجل انطباعاته خلال الأسبوعين في مفكرته، وكان ضمن الوفد الثقافي العربي الذي زار يوغوسلافيا لبحث إمكانات التعاون الثقافي والفني بين الجمهورية العربية المتحدة ويوغوسلافيا، وكان معه من مصر، المترجم إبراهيم زكي خورشيد، ومن سوريا سامي الدروبي.
جاء في كتاب "نجيب محفوظ إن حكى" ليوسف القعيد: "هل سافرت حبُّا أم خوفًا من عبد الناصر؟ فأجابه: حبًّا وخوفًا، حيث كان سفره بقرار من عبد الناصر".
وفي حوار مع جريدة الأهرام، قال إنه أُعجب بقبر الجندي المجهول في أعلى قلعة "فالا"، كما تحدث عن المسارح، واستغلالهم الأماكن الأثرية بطريقة عجيبة، فشاهد أوبرا عايدة لفيردي في قصر الإمبراطور دقلديانوس، بعد أن حولوا قاعة العرش واستغلوها كخشبة للمسرح، واكتفوا بتسليط الأضواء على الممثلين.

رحلة نجيب محفوظ إلى اليمين
سافر نجيب محفوظ مع خمسة من كبار الأدباء إلى اليمن، وهم يوسف السباعي، مهدي علام، أنيس منصور، صالح جودت، ومحمود حسن إسماعيل، وبعد عودته من هناك كتب قصة طويلة عنوانها "ثلاثة أيام في اليمن" نشرها في مجموعته القصصية "تحت المظلة".
وفي مقدمة قصة 3 أيام في اليمن، كتب محفوظ التحقيق خلال زيارته لليمن في عداد وفدٍ من الكتّاب المصريّين لتفقّد ومؤازرة القوّات المصريّة التي كانتْ تقاتل القوّات الملكيّة المدعومة من العربيّة السعوديّة لحماية الجمهوريّة اليمنيّة التي قامت في 26 سبتمبر 1962.
ونشرتْ المجموعة القصصية تجت عنوان "تحت المظلّة" عام 1969، وتمت الإشارة إلى أنها كتبتْ بين أكتوبر وديسمبر 1967، مع أنّ الأرجح أنّ الزيارة كانت قبل ذلك.

وفي حوار أجراه الأستاذ مع جريدة الأهرام يقول: "حدثني يوسف السباعي، قال أتأتي معنا لرحلة اليمن؟ وأخبرني أنه ذاهب مع أنيس منصور والشاعر الذي كنتم تسمونه (فسدقي) صالح جودت ومهدي علام، فقولت له إنني لن أحضر، فرد أن المشير عامر هو الذي حدد وجودي بالاسم، وما دام قال بالاسم لا بد من الذهاب"، ويكمل حديثه: "كانت رحلة شاقة، ذهبنا بسفينة حربية استغرقت الرحلة أسبوعا، وكنا في يوليو، وأصابني من التعب والإرهاق لا يمكن تصورها ولا احتمالها".
رحلة نجيب محفوظ إلى بريطانيا
في عام 1989، سافر الأستاذ نجيب محفوظ إلى لندن لإجراء عملية جراحية في القلب، وفي حوار له مع الكاتب محمد سلماوى، قال إنه يحب الفول المدمس والطعمية، لكن حين أجرى عملية القلب في لندن، فقد شهيته تمامًا للأكل، وكانت المائدة تأتي له كل يوم مليئة بكُل ما لذ وطاب، لكنه لم يقترب منها، وفي النهاية، حينما سأله مستر جرين "الطبيب المُعالج" ماذا تريد أن تأكل، قال له "نني لا أجد في نفسي شهية إلا للفول أو شوربة العدس".

وفي لقاء أجرته سلوى الجراح، ونشرته "بي بي سي" في شهر يناير من عام 1992 في برنامج في الواحة، وكان نجيب محفوظ يتعافى لتوه من المرض بعد أن أتم علاجه في لندن، وعاد إلى القاهرة.
تعليقات الفيسبوك