إلى أي مدى يمكننا أن نتنبأ بالظواهر الطبيعية التي تحدث حولنا؟، إلى أي مدى يمكننا أن ننظر إلى المستقبل، ونرى أي مخاطر قد تهدد حياتنا وحضارتنا البشرية، بحيث نكون مستعدون لها قبل حدوثها؟، وهل يمكن أن تحدث كارثة طبيعية أو حدث فلكي عظيم في المستقبل، يكون من الضخامة والقوة بحيث لا يمكن لنا كبشر أن نمنعه أو نواجهه، ويكون هذا الحدث مسئولاً عن نهايتنا، أو حتى نهاية الحياة بأكملها على كوكب الأرض؟.
ونعرض عبر السطور التالية، لأكثر التحديات التي قد تواجه البشرية في المستقبل، كما جاء في تقرير موقع "Science ABC" الأمريكي.
العصر الجليدي
تعيش البشرية حاليا في فترة يطلق عليها "فترة بين حقبتين جليديتين"، وهي مدة زمنية قد تصل لمئات الآلاف السنين، تتسم بدرجات حرارة مرتفعة نسبيا لمناخ كوكب الأرض، بما يسمح بازدهار الحياة النباتية والحيوانية في أغلب بقاع الكوكب.
الموقع الأمريكي أوضح أنه بعد عشرات الآلاف من السنين، ستنتهي هذه الفترة، وسيبدأ كوكبنا في الدخول فيما يعرف بحقبة جليدية، والتي هي جزء من العصر الجليدي، وسيشكل ذلك خطرا على الجنس البشري، سواء بطريقة مباشرة عبر انخفاض درجات الحرارة بشكل يمثل خطرا على صحة البشر، أو بشكل غير مباشر، عن طريق جعل الظروف المناخية غير ملائمة لحياة كثير من النباتات والحيوانات.
ويعتقد العلماء أن البشرية ستكون مهيئة لمواجهة مثل هذا السيناريو، وأن التقدم التكنولوجي سيعطينا أفضلية كبيرة جداً على باقي المخلوقات التي سبق وانقرضت بسبب الحقبات الجليدية السابقة.
نهاية الغلاف الحيوي لكوكب الأرض
يتوقع علماء الفيزياء الفلكية، أن تزيد درجة حرارة الشمس بنسبة 10% خلال عدة مليارات من السنين، ما سيؤدي إلى نتائج كارثية بالنسبة للحياة على كوكب الأرض.
وبالنسبة للشمس، النجم المركزي للمجموعة الشمسية، تبلغ حرارته ملايين الدرجات المئوية، فإن نسبة كهذه تعني أن درجة حرارة كوكب الأرض سترتفع، بشكل يهدد بإنهاء حياة غالبية الكائنات الحية.
والحل بالنسبة للبشر، سيكون إنشاء مستعمرات في كواكب أخرى، ويعتبر المريخ هو أبرز المرشحين، وفقاً لآخر التطورات العلمية التي وصلنا إليها حاليا، كما قد يتمكن البشر أيضا من التوصل إلى طريقة للعيش في مجتمعات مغلقة، تحت الأرض أو تحت البحر، تكون مزودة بأكسجين مُصنَّع، وغذاء حيوي متجدد، لتعويض التغيرات التي ستحدث للغلاف الجوي للأرض، وأيضا تعويض موت أغلب النباتات والحيوانات.
نهاية النجوم في الكون
النجوم، مثل شمسنا التي تمد كوكب الأرض بالنور والحرارة اللازمين للحياة، يكون لها دورة حياة محددة وعمر محدد، وبانتهاء العمر الافتراضي لملايين النجوم في كوننا الفسيح، قد يصل الكون إلى مرحلة ما، ربما بعد فترة قد تتراوح من 10 إلى 100 تريليون سنة من الآن، تكون كل النجوم فيها قد انفجرت أو تحولت إلى ثقوب سوداء.
وفي خلال 5 مليارات من السنين، ستتحول شمسنا إلى عملاق أحمر يلتهم كوكب الأرض بالكامل، قبل أن تتحول إلى قزم أبيض بعد حوالي مليار سنة أخرى.
وبافتراض- إذا كانت الحضارة البشرية ما زالت موجودة- أن البشر قد توصلوا إلى طريقة لاستعمار كواكب خارج مجموعتنا الشمسية، للنجاة من المصير الحتمي لكوكب الأرض، فإن إيجاد مصدر بديل للطاقة، لتعويض انطفاء أو انفجار أغلب نجوم الكون، سيكون أمر لا مفر منه.
"الطاقة النووية، دمج الهيدروجين المستخرج من بعض النجوم التي وصلت إلى مرحلة التقزم، التقاط الطاقة المنبعثة من بعض الثقوب السوداء الدوارة، دفع كميات من المادة إلى داخل الثقوب السوداء واستقبال الطاقة المنبعثة منها في المقابل"، كلها طرق قد تمثل حلولا لمشكلة أُفول النجوم، وهي بالطبع طرق لا تمتلك البشرية بعد، التقنية اللازمة للقيام بها، ولكن يُفترض أنه بعد عدة مليارات، أو حتى تريليونات، من السنين، فإن البشرية قد تكون وصلت إلى مراحل متناهية التقدم من التطور التكنولوجي.
تحلل ذرات المادة الموجودة بالكون
بافتراض أن البشرية لم تتأثر بحرب نووية أو أي كوارث أخرى، وتمكن البشر من مواجهة "العصر الجليدي، ونهاية الغلاف الحيوي للأرض"، واستمرت الحضارة وبلغ التقدم العلمي درجة جعلتنا نتجاوز الكارثة الكونية المتمثلة في أُفول نجوم الكون، فإنه سيتبقى أمامنا خطر أخير، يهددنا وكل الكائنات الحية، في الكون كله، لكنه للأسف سيكون خطرا لا مفر منه، ولن نستطيع مواجهته بأي طريقة، مهما بلغ تقدمنا العلمي، هذا الخطر هو "تحلل ذرات المادة المكونة لكل شيء في الكون".
كل شيء مادي في هذا الكون يتكون من ذرات، والذرة بدورها تتكون من إلكترونات سالبة الشحنة، تدور حول نواة، تحوي داخلها بروتونات ونيورونات.
ويتوقع العلماء أنه، في آخر عمر الكون، ستحدث حالة من عدم الاستقرار للبروتونات والنيورونات الموجودة في ذرات المادة، حيث ستصل إلى مرحلة تصبح فيها الذرة غير متعادلة الشحنة، وسيؤدي ذلك إلى تحلل ذرات المادة الموجودة بالكون، بحيث يتحول كل شيء مادي ما زال موجودا، إلى إشعاع أو بلازما، يسبح في فراغ لا سرمدي، لا يوجد شيء فيه، إلا ثقوب سوداء.
الأمل الوحيد وفقا لموقع "Science ABC" الأمريكي، الذي قد يلوح للبشر، في هذه المرحلة الأخيرة من عمر الكون، هو أن يتمكن البشر من إثبات صحة نظرية "الأكوان المتعددة"، وإيجاد طريقة لرصد أكوان أخرى غير الذي نعيش فيه، بحيث يمكن للبشر أن يهاجروا إلى أحدها، قبل تحلل مادة كوننا الحالي، وإن كان العماء غير واثقين من أن البشرية ستعيش فعلاً حتى تبلغ هذه المرحلة المتأخرة من الزمن.
تعليقات الفيسبوك