تاريخ علاج الأسنان في بريطانيا.. الخلع الحل الوحيد على "كرسي الرعب"
في منتصف القرن التاسع عشر، كان العلاج الوحيد المتاح لألم الأسنان، هو الخَلْع، عبر كرسي الرعب، الذي مات بسببه آلاف الأشخاص بسبب العلاج الفاشل والالتهابات وغيرها من المضاعفات.
المؤرخة جوانا بورك، التي تقدم فيلما وثائقيا، حول هذا الموضوع، قالت: "بالنسبة إلى معظم تاريخنا، كانت زيارة طبيب الأسنان بمثابة كابوس"، مضيفة: "لقد ألقت آلام الأسنان المزمنة، وعمليات الخلع المرعبة والأدوات البربرية بظلالها الكبيرة على ماضي أسناننا.. فحتى وقت قريب نسبيا كانت الأسنان المتعفنة والمهملة جزءًا من الحياة اليومية".
ووفقا لصحيفة ديلي إكسربيس البريطانية، كانت رعاية الأسنان في بريطانيا، وغيرها من البلاد الاخرى، في أيدي الحلاقين الذين تضاعفوا كجراحين، وكانوا يستخدمون كماشة لسحب الأسنان أو الأجهزة تشبه فتاحات الزجاج.

وفي عام 1665 (عام الطاعون العظيم في لندن)، أشارت التقديرات إلى أن واحدة من كل 10 حالات وفاة أخرى في لندن، كانت مرتبطة بألم الأسنان، وفي هذا الوقت، اغتنم المحتالون فرصتهم من خلال تقديم العلاجات غير المجدية، فكان لسنوات عديدة يعتقد أن وجع الأسنان سببه دودة تختبئ في الفك.
جهود بُذلت في أواخر القرن الثامن عشر، لفهم طب الأسنان، ومع حلول عام 1771، نشر جون هنتر، وهو طبيب فاشل، كتابًا جديدًا بعنوان التاريخ الطبيعي للأسنان البشرية، تضمن أسماء لجميع الأسنان، والتي لا تزال تستخدم حتى اليوم، وتوصيات بتنظيف الأسنان بانتظام، وتأثير النظام الغذائي عليها، إلى جانب رسومات تفصيلية رائعة، تظهر داخل الفم وجذور الأسنان.
كما اقترح هنتر، زراعة أسنان من الأحياء والأموات، حتى دفع الأغنياء الفقراء للتخلي عن أسنانهم اللؤلؤي، ولكن بقى خطر العدوى والمرض.
وقالت "بورك": أصبحت أسنان الإنسان سلعا يجب شراؤها وبيعها، يمكن أن تجعل لصوص القبور يحصلون على ما يعادل 100 ألف جنيه إسترليني في الليلة، لسرقة أسنان من الجثث، تستخدم لاحقا في صناعة "أطقم أسنان".
بلغت هذه الطريقة ذروتها، في عام 1815، عندما توفي 50 ألف رجل إثر معركة واترلو، حيث كان اللصوص يتوجهون إلى الجثث فور أن يهدأ صوت إطلاق النار في ساحة المعركة، ليسرقوا أسنان الموتى.
أما في عصر ما قبل معجون الأسنان، استخدمت بعض الأساليب الغريبة، مثل المواد الكاشطة كقشور المحار المطولة على الأصابع وحركتها في الأسنان، ولكن هذه التقنية كشطت المينا التي تكشف الأعصاب، كما تمت تجربة غبار الطوب وهباب الفحم، حتى ابتكر وليام أديس، أول فرشاة أسنان في عام 1780، مصنوعة يدويًا من شعر الخنزير، لكنها كانت باهظة الثمن.
وبعد إلغاء الضريبة على السلع في عام 1874، أصبح السكر الوارد من جزر الهند الغربية في متناول اليد،ما أدى لارتفاع نسب تسوس الأسنان، وللمرة الأولى تتمكن الطبقات العاملة أن تنغمس في أسنانها الحلوى.
ووفقا للصحيفة، تم تقديم تدريبات في العصر الفيكتوري، لإزالة الجزء الفاسد من الأسنان على الأقل، بدلا من خلعها عبر "كرسي الرعب".
تلى ذلك استخدام طبيب الأسنان الأمريكي هوراس ويلز، لـ"أكسيد النيتروز" المعروف أيضا باسم "غاز الضحك"، أول مادة كيميائية تستخدم لتخفيف ألم الأسنان.
فشلت جهود "ويلز"، في البداية، حيث تمت تجربة الحلول الأخرى بما في ذلك "الكلوروفورم"، لكن الجرعات لم تكن دقيقة، وأدت إلى الوفيات، كما تم استخدام الكوكايين كمسكن للألم، وحقن في الفك في شكل سائل، وكانت الإبر المستخدمة ضخمة، ولكنها كانت أكثر أمانًا من الكلوروفورم، مع ميزة إضافية تتمثل في استهداف مصدر الألم.
لكن في أوائل القرن العشرين، كان طب الأسنان لا يزال باهظ الثمن، لدرجة أن بعض الناس اختاروا خلع كل أسنانهم لتجنيب أنفسهم فترة من الألم.
وتأسست هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية في عام 1948، وأصبحت حدة العناية بالأسنان في متناول الجميع، وفي الأشهر الـ9 الأولى، تم ملء 4 ملايين من التجاويف، وامتدت الطوابير خارج غرف العمليات الجراحية، كما أحدث الفلوريد في الماء ومعاجين الأسنان، فرقا كبيرا في صحة أسنان البريطانيين.

تعليقات الفيسبوك