منطقة آثار عمود السواري واحدة من أهم كنوز الإسكندرية، وتحتوي على العديد من المعالم الأثرية التي تعود إلى عصور سابقة لعصر بناء العمود، مثل أطلال معبد السيرابيوم، وممر سري لعبادة الإله سيرابيس، وغيرها من المعالم الشهيرة، ويقصدها السياح من جميع دول العالم؛ نظرًا لأهميتها التاريخية التي توثق للعصر الروماني في مصر.
سنسلط الضوء على عمود السوارى، الذي بناه المصريون احتفالاً بحل أزمة القمح في العصر الفرعوني، وتخليدًا لذكرى الإمبراطور دقلديانوس الذي حل الأزمة وأعفى المصريين من الضرائب.
قصة عمود السواري
أوضح محمد عبد السميع، مدير منطقة عمود السوارى، في تصريح لـ«الوطن»، أن عمود السواري، المصنوع من الجرانيت الأحمر، يبلغ ارتفاعه حوالي 27 مترًا، وتم تقطيعه من محاجر أسوان، وجرى جلبه إلى الإسكندرية عبر أحد فروع نهر النيل، الذي كان يُعرف بفرع أو ترعة شيديا، فيما يتكون العمود من ثلاثة أجزاء هي القاعدة والبدن الأسطواني والتاج.
وأشار إلى أن اسم العمود يعود إلى الفتح العربي، حيث وجده العرب محاطًا بعدد كبير من الأعمدة التي تشبه سواري السفن، فأطلقوا عليه اسم «ساري السواري»، والذي تطور لاحقًا إلى «عمود السوارى»، أما الأعمدة المحيطة التي كانت موجودة حوله، فقد استخدمها والي الإسكندرية، أسد الدين قراجة، في منع سفن الحملات الصليبية من الوصول إلى شواطئ الإسكندرية.
إعفاء المصريين من ضريبة القمح
الاسم الحقيقي والسبب وراء بناء العمود يعودان إلى عهد الإمبراطور الروماني دقلديانوس، وأثناء حكمه، واجهت مصر أزمة قمح أدت إلى ثورة، إذ كانت روما تعتمد بشكل كبير على القمح المصري، المعروف بشحنة «القمح السعيد»، وقتها أبدى دقلديانوس تسامحًا مع المصريين وقرر إعفاءهم من ضريبة القمح لمدة ثلاث سنوات، ما دفع المواطنين إلى إقامة نصب تذكاري لهذا الحدث، بحسب محمد شحاتة، مدير منطقة آثار عمود السواري.
ووفقا لتصريحات «شحاتة» مع «الوطن» فإن النقوش تُظهر على أحد جوانب العمود الإهداء الخاص بهذا الحدث، ورغم ذلك لم يحظ اسم دقلديانوس بشعبية في مصر بسبب اضطهاده للأقباط بعد انتشار المسيحية، ما أدى إلى تسميه عصره بـ«عصر الشهداء»، وتحوله إلى عدو للشعب المصري.
عمود بومباي
والاسم الأكثر شيوعًا عالميًا للعمود هو «عمود بومباي»، ويُعتقد خطأ أن الاسم يعود إلى القصة التي تروي أن القائد الروماني بومبيوس، الذي ثار ضد يوليوس قيصر (49-45 ق.م)، قُتل في مصر ووُضع رأسه أعلى العمود، لكن هذه القصة غير صحيحة، لأن تاريخ بومبيوس يسبق زمن دقلديانوس، الذي حكم حوالي عام 284م، وهو العصر الذي أُسس فيه العمود، بحسب محمد السيد، مسؤول الوعي الأثري بإدارة آثار الإسكندرية.
تعليقات الفيسبوك