وجوههم البريئة تتزين بابتسامة طفولية مشرقة تعبر عن الرضا والتفاؤل، بينما أياديهما الناعمة تختبر الكفاح مبكرا، هم محمد أحمد وعبد العظيم محمد الصبيان اللذان قررا ممارسة حرفة صناعة الفخار خلال فترة الإجازة لتوفير مصروفات الدراسة ومساعدة أسرهم البسيطة قدر المستطاع، بتقليل ضغوط الحياة عليهم.
معاناة عائلتهما في توفير لقمة العيش جعلتهما يرفضان الجلوس في صمت
«محمد وعبد العظيم» صديقان يبلغ كلاهما 15 عاما، ينتميان إلى منطقة الأسمرات، ولكن معاناة عائلتهما في توفير لقمة العيش لهما ولأشقائهما جعلتهما يرفضان الجلوس في صمت، فبدآ التفكير مبكرا في توفير مصروفات الدراسة من خلال تعلم حرفة صناعة الفخار.
وفي ورشة «عم عادل» بقرية الفواخير في الفسطاط، كان بدايتهما في التعلم ثم في الإنتاج أجمل المنتجات الفخارية، يقول عبد العظيم لـ«الوطن»: «أبويا بيتشغل عامل أسانسير وأخويا الأكبر منى كان دايما ينزل معاه في الشغل علشان يساعده، وأنا اتكسفت وقررت أن أشوف شغلانة بحبها وفي نفس الوقت متأثرش على دراستى».
ملامح عبد العظيم الحالمة تؤكد كلماته الراغبة في الخروج من عنق الزجاجة للحصول على وظيفة جيدة يفخر بها والده: «أنا بحب أذاكر ونفسي أدخل كلية حلوة، وأن شاء الله هاوصل لتحقيق ده، علشان ده حلم أبويا لكن في نفس الوقت مقدرش اشوفه تعبان كده لازم أساعده».
أما بالنسبة لمحمد فوالده يعمل بهيئة النقل العام وقد تعلم «محمد» حرفة الفخار عن شغف وحب ثم اتخذها كطريقة يستطيع بها توفير مبلغ ولو بسيط يخفف من العبء المادي عن والده: «اشتغلت في كذا ورشة قبل كده، لكن ده عمره ما أثر على دراستى اللى بنجح فيها كل سنة بدرجات كويسة وهافضل اشتغل وادرس لغاية لما ادخل كلية الحربية علشان احمي بلدي»
المسؤول عن الورشة يتعامل مع الأطفال المتدربين أو العاملين معه كأنهم أبناؤه
وفي حديثه مع «الوطن»، قال «أحمد زهدي» المسئول عن الورشة، أنه يتعامل مع الأطفال المتدربين أو العاملين معه كأنهم أبناؤه، ويسمح لهم بالعمل فترة الإجازات لمساعدتهم ماليا وفي نفس الوقت بهدف نشر حب المهنة بين الأطفال: «بنعاملهم زي أولادنا، وعمري ما بخلت عليهم، بديهم يومية كويسة مش بتقل عن 50 جنيه تقريبا، احنا مع أي حاجة في مصلحة أطفال القرية عموما».
وأوضح «زهدى» أنه مع جميع العاملين في القرية يعملون على تعليم الأطفال جميع جوانب الحرفة، ثم يتركون لهم حرية الاختيار في الانضمام للمرحلة المناسبة لهم في صنع الفخار: «عمل الأطفال في المهنة دى معتمد أكتر على الفن، وفي أجزاء أخرى من القرية بيشتغل فيها أطفال أصغر سنا وفيهم بنات كمان وساعات بيشتغلوا في حاجات تقيلة تتطلب مجهود بدني».
من جانبه قال نائب رئيس الجمعية التعاونية للفخار «أحمد محمد زكي»، لـ«الوطن»، إنهم يسعون لبناء مدرسة تطبيقية لتعليم الفخار في القرية، يمكن لأى شخص الانضمام إليها، وبالطبع من صغار السن: «علشان الأطفال دول، إحنا بنسعى لإنشاء مدرسة تعليم الفخار وأكيد التركيز الأكبر على أطفال زى محمد وعبد العظيم، وفعلا قدمنا المستندات اللازمة لوزارة التربية والتعليم أملا في إنشاء المدرسة».
تعليقات الفيسبوك