«صرخات مدوية، وركض هنا وهناك، وأصوات استغاثات تتعالى طلبا للنجدة والنجاة من الموت، وصغار يطلون من الشرفة باكين ينتظرون من ينقذهم من الهلاك، وعلى الجانب الآخر، كثيرون يهرولون تاركين أعمالهم وأهاليهم في محاولة لإنقاذ الضحايا من موت محقق، غير آبهين بأي شيء سوى الإنسان، تسلقوا الجدران بشجاعة، وقفزوا من طابق لآخر، لتلبية الاستغاثات ونجدة المحاصرين».. هكذا كان المشهد في حريق كنيسة إمبابة أول أمس الأحد، فبينما كان الضحايا محاصرون داخل الكنيسة، هرول كثيرون لنجدتهم.
من بين الأبطال الذين ساهموا في إنقاذ الضحايا، كان «محمد يحيى»، الذي انتشرت صورته عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، وهو مستلقٍ على سرير مستشفى إمبابة إثر إصابته، بعد إنقاذ العديد من المواطنين داخل الكنيسة، ولكن أثناء حمله لأحد الأشخاص المصابين، انزلق من على السلم نتيجة المياه الموجودة، وانكسر قدمه.
تفاصيل الحادث رواها «يحيى» لـ«الوطن»، قائلا إنّه كان واقفا في شرفة منزله ورأى النيران تخرج من الكنيسة، فغادر منزله مسرعا وذهب لإنقاذ الضحايا: «نزلت ودخلت الكنيسة والباب كان مقفول، كسرناه وطلعنا، قلعنا التيشيرتات ودخلنا، كنا كتير في الشارع، مفيش فرق بين مسلم ومسيحي، إخوات في وطن واحد، أول ما دخلنا الكنيسة الساعة 8 ونص، كان في دخان جامد طالع بس الباب كان مقفول، وأنا اتصابت لما كنت شايل مواطن فوقعت بسبب إن كان في ميّة على السلم».
قصة محمد يحيى الأشهر على السوشيال ميديا
قصة محمد يحيى، هي الأكثر شهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها لم تكن الوحيدة، فهناك أيضًا أحمد وحسين مصطفى، شقيقان كانا ذاهبان إلى عملهما، وفور سماعهما استغاثة المواطنين لم يفكروا في أي شيء، سوى تسلق عمارات المنازل المجاورة، لنقل الموجودين داخل الطابق الخامس في الكنيسة إلى مكان آمن.
«في أطفال جوا».. جملة حرّكت الشقيق الأكبر «أحمد» للذهاب إلى الكنيسة وإنقاذ الضحايا، لم يفكر سوى في تسلق المنازل المجاورة رفقة شقيقه «حسام»: «كان في عيال صغيرة بتبص من الشباك، المنظر ده كان صعب عليّا، على طول طلعت مع أخويا سطح بيت جنب الكنيسة، لقينا ناس كتير جدا بتحاول تنقذ اللي جوا، نطينا لسطح الكنيسة والموضوع كان خطر، بس مكانش يفرق معانا غير إنقاذ اللي جوا».
صدمة المصابين بعد خروجهم
مشهد إنقاذ المصابين لم يكن الأصعب، لكنّ صدمتهم بعد الخروج كان أكثر ألما مما عانوه في الداخل، يقول «أحمد»: «الناس كانت بتخرج من جوا محدش قادر يقول حاجة من الصدمة، ولما بنسألهم إيه اللي حصل محدش كان قادر يتكلم».
مشهد حريق كنيسة إمبابة ضمّ الكثير من الأبطال، بعضهم ليس معروفا للعامة، منهم شخصا كان يقف في الطابق الخامس، لم يتبيّن ملامحه من الدخان الذي غطى وجهه: «المشهد كان صعب في الكنيسة، وفي أبطال يستحقوا الناس تعرفهم، كانوا جوا النار، منهم واحد كان واقف في الدور الخامس بيطلعلنا الأطفال من الشباك، الرجل ده عظيم جدا».
تعليقات الفيسبوك