حمل الطفل التونسي مهدي الزهاني، الذي لم يتجاوز الـ13 عامًا الكثير من الأفكار والخواطر داخل رأسه، والتي لم يستطع التعبير عنها ببساطة، لإصابته بمرض التوحد منذ ولادته، ليكون القلم والورقة هو السبيل الوحيد أمامه ليُعلن عن نفسه، حتى تمكن في هذا السن الصغير من تأليف كتابه الأول «بصمة حياتي»، متحديًا بذلك ظروف مرضه.
«لخص تجربته مع مرض التوحد، وتحدث عن المشاكل التي اعترضته في المجتمع»، بدأت السيدة ريان الحكيمي، والدة الطفل مهدي، حديثها مع «الوطن» بتلك الكلمات، إذ لم يقتصر الكتاب على ذلك بل شمل مجموعة من الخواطر حول مشاعره تجاه الحياة والطبيعة، ليتم نشر الكتاب في أبريل عام 2022، والذي من المتوقع أن يُشارك في معرض سوسة الدولي للكتاب في سبتمبر القادم.
الكتابة سبيله الوحيد
اكتشفت السيدة ريان الحكيمي إصابة مهدي بالتوحد عندما كان عمره عامين، في هذا السن بدأت عليه ظهور بعض أعراض التوحد، والتي يتضح بعضها في عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه، وانكماشه على نفسه، ورفضه للتواصل البصري والعناق مع أحد: «مهدي عنده صعوبة في الكلام.. العائلة بتتواصل معاه بالكتابة».
عرضته العائلة على عدد من إخصائي التخاطب والطب النفسي، لمحاولة تدارك تلك الحالة وإدماجه في المجتمع، حتى بدأت حالة «مهدي» في التحسن شيئًا فشيئًا، حتى اكشفت أمه في سن الثامنة قدرته على كتابة الخواطر والتأملات الفلسفية بطريقة مذهلة تفوق سنه الصغير وحالته المرضية: «حاولت أنمي الموهبة وأشجعه على الكتابة لأني شوفت فيه معجزة».
كتابة خواطر تأملية عن الطبيعة
بدأت والدة الطفل مهدي في اصطحابه إلى الشواطئ والحدائق، لتجعله يتأمل في الطبيعية ويستمع لأصوات الطيور وموج البحر من حوله، ثم تعطيه قلمًا وتتركه يعبر عن مشاعره تجاه ما شاهده وشعر به خلال اليوم، ليفاجئها في نهاية اليوم بكتابات عميقة تنم عن موهبة مختلفة لديها الكثير من الأبداع لتقدمه للمجتمع التونسي والعالم.
دعم وزارة التربية التونسية
مع تطور موهبة مهدي ووصوله لسن الـ13، قررت عائلته، التي تشمل والديه وأخيه الصغير، دعمه من خلال مقابلة عدد من مسؤولين وزارة التربية بتونس لعرض موهبته عليهم، ليلقى بذلك ترحيب كبير من قبل الوزارة: «عدد من مسؤولين الوزارة اقترحوا علينا تجميع الخواطر في كتاب باسم مهدي.. كانت فكرة عظيمة فرحت مهدي وكل المحيطين به».
دعم الكتاب للأطفال المصابين بالتوحد
بعد طباعة كتاب مهدى باسم «بصمة حياتي»، كبر طموحه وتحسنت حالته، حتى أصبح يعبر عن نفسه بشكل أفضل: «بيتمنى يكمل دراسته في كندا.. ويشارك في معارض الكتب العربية»، وبجانب طموحه الشخصي يسعى دائمًا لدعم أطفال التوحد في العالم العربي بأكمله من خلال تجربته منذ الولادة وحتى خروج كتابه للعالم.
يعتبر مهدي هو الطفل المدلل في العائلة الذي استطاع باختلافه وتميزه أن يلفت انتباه مدينة سوسة بتونس، ليفتخر الجميع به، كما قالت «الحكيمي» في نهاية حديثها، متمنية أن ينظر العالم للشخص المتوحد نظرة منصفة ليعيش حياة عادية يستطيع خلالها أن يُعبر عن نفسه بكل حرية، كما عبر مهدي على غلاف كتابه: «أنا طائر فلا تقصوا جناحي فقط اسمحوا لي بالطيران حولكم..رحبوا بي في عالمكم».
تعليقات الفيسبوك