زواج داخل مستعمرة الجذام
في طريق ترابي غير مُمهد، وعلى بعد 45 كيلو مترًا من القاهرة، تجد نفسك في عزبة الصفيح الملاصقة لـ«مستعمرة الجذام» والتي تشتمل على 3 عنابر، أحدهما للرجال وثانيهما للسيدات والأخير للعاملين بالمستشفى، وفي الوقت الذي ربما لا يصدق أحد بأنّه لا يزال هناك ما يسمى بمستعمرة الجذام في مصر، تقام مراسم الأفراح بين أبناء المستعمرة هناك.
محمد وسماح، طفلان تربيا في مستعمرة الجذام بالخانكة، كل منهما في العنبر المخصص له، جمعتهما عيادات الكشف بشكل دوري وأيضًا في أثناء تلقي العلاج، لعبا سويًا وكبرا معًا، حتى تجاوزا عمر العشرينيات، لتداعب أحلام الأول متعة الزواج والاستقرار بصحبة زوجة صالحة.
«لقيتها كويسة ومحترمة ومشوفتش منها حاجة وحشة»، هكذا وصف «محمد» صاحب الـ28 عامًا سماح التي اختارها بقلبه وعقله كي تشاركه رحلة حياته، وهي تصغره بنحو عامين، ولديها من الأشقاء أربعة بنات، ثلاثة منهم يقِمنَ معها بنفس العنبر في المستعمرة.
تمت عملية الزواج بـ«مِرسال» من «محمد» إلى «سماح» داخل المستعمرة، ومن ثم «مِرسال» آخر لأهلها الذين يقطنون في سوهاج، والذين حضروا لمقابلته وأهله داخل مستعمرة الجذام وأبدوا موافقتهم بعد أن ارتضوا دينه وخُلقه بحسب حديث والدة سماح لـ«الوطن»: «محمد شاب كويس مشوفناش منه حاجة وحشة، ومتربي معاها من صغره هنا».
في خِطبة قصيرة لا تزيد على 60 يومًا، انتهت بالزواج في إحدى المناطق القريبة من مستعمرة الجذام، وذلك بعد أن شارك المقيمون في المستعمرة فرحة العروسين في «الحنّة» ليلة أمس، إذ من المقرر أن يُقيم محمد وسماح في شقة قريبة من المستعمرة، جرى تجهيزها بمساعدة أهل الخير بحسب والدة العروس.
ويقول أحمد ثابت مشرف الأمن بمستعمرة الجذام لـ«الوطن»، إنّ هذه الزيجة ليست الأولى من نوعها داخل المستعمرة، فآلاف الزيجات التي تمت بين المرضى وبعضهم منذ عشرات السنين، حتى أنّ الزواج أحيانًا ما يحدث بين طاقم التمريض والمرضى: «مريض الجذام معروف أنه بيتجوز واحد من نفس مرضه، فالبتالي جوازاتهم كلها بتتم هنا، وساعات بتلاقي حد من طقم التمريض اتجوز حد من المرضى».
ونفى «ثابت» ضرورة ولادة الأبناء من مرضى الجذام بنفس المرض مشيرًا إلى أنّه أحيانًا ما ينجب الزوجان من مرضى الجذام جميع الأطفال أصحاء تمامًا: «أحيانًا بيحصل إن يكون طفل واحد من كل 5 مريض بالجذام، وأحيانًا كل الأطفال بيطلعوا كويسين».
تعليقات الفيسبوك