حالة غريبة تمتع بها الشاب العشريني «يوسف»، ابن محافظة القليوبية، رغم كونه مبتور الساقين، إلا أنه أختار العمل في أحد المقاهي بحي باب الشعرية محافظة القاهرة، ليقضي ساعات عمله بالكامل متحركًا على يديه ليتنقل بين الزبائن ويقدم لهم المشروبات المختلفة، ورغم ظروفه الصحية إلا أنه يتمتع بروح فكاهية وابتسامة هادئة.
داخل المقهى تعالت أصوات الزبائن منادين: «يا جوو.. يا جوو»، ليظهر «يوسف»، صاحب الـ21 عامًا، والشهير بـ«جو»، وهو يتنقل بجسده الثقيل وروحه الخفيفة المبهجة، ملبيًا نداء زبائنه، معتمدًا على يديه في الحركة والعمل، على أن يتحرك على واحدة وبالأخرى يحمل المشروبات، والذي بعد دقائق، توقف عن عمله وبدأ بابتسامته المعهودة يحكي في بث مباشر لـ«الوطن»، أنه تعرَّض وهو في السابعة من عمره لحادث قطار، أدى إلى بتر كلتا قدميه، مضيفًا أنه بعد الحادثة حاول استكمال دراسته، إلا أن ظروفه الصحية والمادية أعاقته عن ذلك، لذلك ترك المدرسة وهو في الصف الأول الإعدادي.
سبب اختيار «جو» للعمل في مقهى
«والدي ووالدتي منفصلين وأنا عايش مع والدي أنا وأخويا».. قالها «جو»، لافتًا إلى أنه اختار العمل في مقهى، كونه لم يجد عملًا آخر يناسب ظروفه الصحية، ولمهارته الكبيرة أيضًا في إعداد المشروبات الساخنة، وبالأخص القهوة: «الحمد لله الناس بتحب تشرب القهوة من إيدي، وليا زباين بتجيلي مخصوص من أماكن مختلفة علشان يشربوا القهوة بتاعتي»، وأنه يأتي إلى عمله بدءًا من الساعة الثانية عشر ظهرًا ولا يتركه إلا في منتصف الليل.
رغم الظروف الصحية والمشاق الكبيرة التي يتكبدها «يوسف» أثناء حركته وتنقله على يديه في ظل جسده الثقيل، إلا أنه يمتلك قلبًا راضيًا شاكرًا لله على كل شيء، ومؤمنًا بتعويضاته الدائمة: «ربنا حنين جدًا.. لما بياخد حاجة من الواحد بيعوضه بألف حاجة تاني»، وأنه في تنقله من وإلى عمله يوميًا، يأتي شقيقه ليحمله على دراجته النارية، عائدًا به إلى منزلهم القريب من المقهى، والذي سكنوه بعد تركهم لشبين القناطر وقدومهم لحي باب الشعرية بالقاهرة.
«جو»: نفسي أركب طرف صناعي وأمارس حياتي بشكل طبيعي
فحوصات وأشعات طبية كثيرة أجراها «يوسف» بعد بتر ساقيه، والتي أثبتت جميعها احتياجه لتركيب أطراف صناعية كي يتمكن معها من الحركة بشكل طبيعي كما في السابق، وهو ما جعله يتخيل نفسه يتحرك ويتنقل كباقي أقرانه ويمارس عمله وحياته بشكل طبيعي: «معايا تقارير بأن حالتي محتاجة طرف صناعي، ونفسي بس لو أركب طرف صناعي علشان أقدرأتحرك زي باقي الشباب وأشتغل براحتي، لأن إيديا وجعتني من الحركة وجلد إيديا اتهرى من الأرض وأنا بتحرك»، مضيفًا أنه يتمنى أيضًا لو يحصل على كُشك ليكون مصدر دخل له، ويعفيه من الحركة الكثيرة.
تعليقات الفيسبوك