تضامن الجماهير المصرية والجزائرية
تزوجت من جزائرية في أعقاب الأزمة الكروية بين مصر والجزائر، وقتها سألني والد زوجتي سؤال واحد.. هل توافق والدتك على هذا الزواج؟ ووقتها كان رد والدتي، بأن أطلقت «زغرودة صعيدي»، فردت عليها شقيقة العروس بـ«زغرودة جزائرية».
مضى 8 سنوات على زواجي، جرت خلالها أحداثا كثيرة، أثرت في طبيعة العلاقات المصرية الجزائرية، لكن يظل الحدث الأبرز بالنسبة لي، هو البطولة العربية لكرة القدم.. لأنها كانت بروفة مهمة لاكتشاف المتغيرات الجديدة في العلاقة الجماهيرية بين أنصار منتخبي مصر والجزائر، فالقدر الذي اوقعهما في مجموعة واحدة.. منحهما فرصة اختبار مدى رغبتهما في التقارب، وتجاوز أي ذكريات سيئة أربكت مشاعر مشجعي المنتخبين في السابق.
قبل انطلاق أولى مباريات البطولة العربية، أبلغتني زوجتي أنها تلاحظ اهتمام المصريين والجزائريين بدعم بعضهما البعض في البطولة، وأطلعتني على صورا عديدة لمشاهد تجمع جمهور البلدين في المدرجات، ورسائل عديدة على مواقع التواصل، تؤكد دعم جمهور كلا البلدين للآخر، وكلاهما لديه رغبة قوية في تجنب أن تتأثر علاقتهما بنتائج المباراة الحاسمة، لتحديد أيهما يسبق الآخر في ترتيب فرق المجموعة.
اعترف أنني كنت محظوظا خلال مباريات بطولة كأس العرب، فولدي «أمير وآدم»، كان لديهما منتخبين قويين يمثلانهما، وهو ما يرفع حظوظهما في بلوغ فرحة الفوز بكأس العرب، لذا كنت أتابع معهما مباريات الفريقين، وأسعد بحرصهما في المباراة، على أن يرددا مع اللاعبين النشيدين الوطنيين.. المصري والجزائري، وأضحك مع والدتهما، حين يقول «آدم» ببراءة «يا بابا أنا حافظ.. بلادي بلادي.. بس نشيد (قسما.. قسما) مش عارف أحفظه».
الجزائريات يهزمن التعصب و«اليتيمة» تدعم الفراعنة على الهواء
قبل انطلاق مباريات كأس أمم إفريقيا 2022، كان المصريون والجزائريون مشغولون باحتمالات المواجهة المبكرة بين منتخبيهما في الأدوار الإقصائية، وكلاهما كان يتمنى تجنب الأمر لرغبتهما في وصولهما للنهائي، لكن مع انطلاق البطولة، ساهم بث مباريات الفراعنة على القناة الرسمية للتلفزيون الجزائري -التي يسميها الجزائريين اليتيمة- في انفجار طوفان الحب المتبادل بين الشعبين.

وشاهدت المحليين في استديو القناة، وهو يعلنون صراحة دعهم للمنتخب المصري، وأمنياتهما في أن يطل مع شقيقه الجزائري للأدوار النهائية، وبالمثل أظهرت استوديوهات التحليل المصرية، قدرا كبيرة من الاحترام والدعم للمنتخب الجزائري، الذي أصبح له محبين بالملايين في مصر، يعتبرونه المنتخب الأفضل عربيا وإفريقيا.
4 قنوات مصرية تدعم الجزائر في الكاميرون
في الكاميرون، حرص 4 مشجعين مصريين يمتلكون قنوات بـ«يوتيوب»، على بث الكثير من الفيديوهات المهمة لجمهور الجزائر، كانت قنواتهم كأنها جزائرية، بل أن أحدهم حرص على الذهاب إلي صامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميروني، ووقف أمام سيارته، وهتف «وان تو ثري.. فيفا الجيري»، تعبيرا عن غضبه من سوء التنظيم، وأرضية الملعب التي ساهمت في الخروج المبكر لـ«محاربي الصحراء» من البطولة، وقبلها بث مشجع مصري عبر قناته، مقاطع للمضايقات التي تعرض لها لاعبي الخضر، عقب مباراتهما مع غينيا الاستوائية، وتجاوزات الجمهور الكاميروني في حق أشقائنا الجزائريين.
الجزائريون يدعمون الفراعنة بعد خروج الخضر
كانت لحظة خروج المنتخب الجزائري من البطولة، صادمة للمصريين قبل الجزائريين، لكنها أسفرت عن رسائل عديدة، أبرزها إعلان المعلق الجزائري الشهير حفيظ دراجي، عن مطالبته للمصريين بالثأر للخضر، والإطاحة بمنتخب ساحل العاج في دور الـ16، بعدها تبارى الجزائريون في تحفيز الفراعنة، عبر قنواتهم وصفحات أنديتهم، وكانوا أكثر المؤمنين بقدرة المصريين على الفوز، كانوا هم أكبر مشجع لنا، في وقت انشغل فيه المصريون باحتمالات الهزيمة الثقيلة في هذه المباراة.

وكشفت استطلاعات الرأي التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» في الجزائر، بشأن من المنتخب الذي ستدعمه بعد خروج منتخب بلادك؟ إذ جاءت غالبية الأصوات، تنادي وتدعم منتخب مصر خلال البطولة، وذلك للدعم الإعلامي والجماهيري المصري لشقيقه الجزائري خلال البطولة، الأمر الذي يعكس علاقات الأخوة والود، التي تجمع الشعبين المصري والجزائري.
كان محمد أبو جبل، أحد أهم الأسباب التي دعت الجزائريين لمساندة المنتخب المصري، ولعل اللاعب ذاته، ضاعف فرحة الجماهير هناك بعد تخطيه عقبة كوت ديفوار، نظرًا لطبيعة العلاقة التي تجمع بين حارس مرمى الفراعنة والشعب الجزائري، إذ أن زوجته جزائرية، وبما أنه أنقذ المنتخب العربي من الهزيمة بتصديه لضربة الجزاء التي رجحت كفة المصريين، ما أضفى على بلد المليون شهيد فرحة مضاعفة، انعكست على كل بيت يجمع بين «مصري وجزائرية».

تجاوزت مصر عقبة ساحل العاج، ومعها ارتفع سقف طموحات المشجعين المصريين والجزائريين، وأصبح كلا الشعبين مهموم بفوز الفراعنة بالبطولة، ولم يخيب المنتخب المصري آمال شعبه، وطموح أنصار محاربو الصحراء، فتمكن الفراعنة من الإطاحة بالمنتخب المغربي في دور الثمانية، وأصبح الطريق إلى اللقب مفروش بأمنيات شعبين شقيقين، توحدت هتافاتهما ودعواتهما لفوز الفراعنة بلقب البطولة.
تعليقات الفيسبوك