في أحد شوارع مدينة البحيرة يقف شاب منهمك في عمله، من حوله تناثرت أدواته والأسمنت والرمل والألوان والخيوط، جميعها أشياء لا علاقة لها ببعضها البعض، ولكنها أدوات يستعين بها لينجز مهمته التي يعكف عليها لساعات طويلة، ليصنع بها عالمه الخاص، يرسم تاريخ مصر على الجدران في مبادرة منه لتزين حوائط شارعه الذي ترعرع فيه.
إبراهيم عفيفي، شاب رسام، يجسد قصصا تاريخية مرت على مصر في فترات متباعدة أثرت عليها، حتى يكون معلما في شوارعها بالحاضر ولكن على طريقته الخاصة، حيث يرسمها بأدوات غريبة وطرق يتعجب من يراها، حيث يرسم بـ«الأسمنت والمواد الخام والرمل»، لينتج لوحات فنية يصفق لها متابعوه.
موهبة الرسم والنحت
فكرة الرسم على جدران شوارع مصر، راودت عقل «عفيفي»، البالغ من العمر 26 سنة، بعدما بدأ مشواره طالباً بكلية العلوم والتي لم يجد نفسه فيها ليغيِّر دراسته إلى النحت ليعمل بها لأكثر من 3 سنوات، وبالرغم من اختلاف المجال عن دراسته في الجامعة إلا أنها لم تكن عائقا أمامه، فهو تعلم الكثير عن الخامات وعوامل الجو المؤثرة على جودتها.
محاولات عديدة بذلها الشاب العشريني لينمي موهبته حتى بدأ بمشاهدة فيديوهات على موقع يوتيوب يشلبع حبه للرسم، حسبما روى «عفيفي» لـ«الوطن»: «الموهبة عندي من زمان واتفرجت على ناس بتشتغل بالأسمنت كتير»، حيث صمم أكثر من 40 رسمة في إصرار منه لتحويل فنه إلى الجميع عن طريق مبادرة تزيين جدران الشوارع.
رسومات تاريخية على حوائط الشوارع
رسومات عفيفي تتنوع ما بين عصر المصريين القدماء وبين العصر الإسلامي، حيث رسم جداريات بارزة لثورة القاهرة الأولى ورموز لزخارف إسلامية وقبطية، رغبة منه في طلاء حوائط البيوت والشوارع بألوان وأشكال عصرية، بدلا من أن يطلي كل شخص بلون مختلف عن الآخر ويصبح هذا اللون بمرور الوقت باهتاً.
بدأ الشاب الحالم المبادرة منذ 5 شهور حتى أصبح معروفا بين جميع سكان المنطقة، الذين سرعوا في مشاركته في الرسم والتزيين بل والبعض طالب منه أن يسهم في تجميل في شوارعهم برسمه، «الناس بيقفوا يتفرجوا وأنا برسم في الشارع وبيكونوا مقسومين نصفين، منهم بيقف يتفرج وفرحان، وفي بيقف يمسك في الشغل ويكون لسه طري فيبوظ الدنيا»، بحسب قوله.
أحلام كثيرة تداعب قلب الشاب العشريني، في مقدمتها أن يستطيع كل شغوف بالرسم والفن الرقمي نشر موهبته للملايين «حتى لو كان على الحيطان»، طامحاً أن تكون شوارع مصر كلها مزينة بالجرافيتي ليعرف العالم كله جمالها.
تعليقات الفيسبوك