الملحن محمد سلطان في منزله
«في الكبر عبر».. مثل يضرب لكبر السن وما يحمله العمر من تجارب مَرت وتركت أثرًا على ملامح وجهه، فلم يبقَ بمظهره المألوف «الجان» كما كان يلقبه المخرج يوسف شاهين، يمكث في منزل يبدو على أثاثه أنه من زمن ليس بقريب، بإنارة خافتة تشعرك بالاختناق، فالجدران أغلبها تتزين بصور الراحلة فايزة أحمد، وصور للرئيس الراحل أنور السادات، وعديد من الشهادات التقديرية من مهرجانات ومناسبات منها المحلية والدولية.
تتجول فيه أشكال وألوان من القطط التي تؤنس وحدته، منها ذات اللون الأسود وأخرى من جنسيات مختلفة منها الروسي والصيني، ليتصارعن عند جلوسه لتركض إليه من أجل الجلوس على إحدى قدميه، فجلس «سلطان» في بداية الحديث وقال ضاحكًا: «من أنضف المخلوقات في الدنيا القطط، والأقرب لقلبي»، مشيرًا إلى حبه واعتزازه بالخيول، «أنا كنت فارس خطر جدًا، وكان عندي مدرسة فروسية، وكنت بروح مسابقات دولية في اليونان لقفز السدود».
كيف كانت نشأة محمد سلطان؟
- أنا إسكندراني من جليم، فإسكندرية بمثابة وطني، كنت طالبا في مدرسة فيكتوريا كوليدج للغات ثم ذهبت لمدرسة الرمل الثانوية وحصلت على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية، فأنا بطبيعة نشأتي إنسان مُثقف وعلى قدر عالٍ من الوعي، من أسرة راقية، والدي كان ضابط شرطة وصل إلى رتبة حكمدار، ومنذ طفولتي أُحب الموسيقى والعزف على البيانو والعود، فوالدتي كانت تعشق الغناء والموسيقى أيضًا وكانت بالنسبة لي داعما نفسيا كبيرا.
كيف كانت بداية اكتشاف موهبتك الفنية؟
- أنا من اكتشفت موهبتي، لذا لجأت إلى محمد عبدالوهاب لشدة حبي له، فكان بابه أول باب طرقته في عالم الموسيقى، فكان في الفيلا الخاصة به في جليم بإسكندرية وكانت فيلته على بعد نحو 100 متر لمنزلي، فكنت دائمًا أراقبه من وراء الأسوار لإعجابي به، فهو كان مثلي الأعلى، فلجأت إليه ورحب بي عندما أبلغته إني أحب العزف وأريد من يسمعني، فعزفت له لحن من ألحاني؛ لأني كنت مُلحن منذ طفولتي في سن 8 أو9 سنوات، وعند انتهائي من العزف سألني عن عنوان منزلي، فأجبته إن منزلي بجواره في جليم.

فجاء زيارة للبيت لإبلاغ والدي بموهبتي، فعندما جاء والدي من عمله وجد محمد عبدالوهاب في البيت، فأندهش بوجوده، وقال لوالدي إني في المستقبل سأكون مثل محمد عبدالوهاب وأني سأصبح من أفضل المُلحنين في مصر، فتطورت العلاقة بيننا وأصبحت وطيدة، فهو كان لي بمثابة الأب، كنت بلجأ له في جميع الأوقات، وأقوم بإبلاغه بكل ما هو جديد عني وعن حياتي، فهو كان يفتح لي بابه دائمًا، لذا فهو صاحب الفضل عليا بعد الله.

هل يوسف شاهين كان حزينا عند ترك محمد سلطان التمثيل وتفرغ للألحان والموسيقى؟
- لا ليست لدرجة الحزن، لأني تركت التمثيل برغبتي؛ حبًا في الموسيقى، فلا يوجد ما يمنعني من التمثيل، «ما أنا لو عايز أمثل كنت همثل، إيه اللي هيمنعني يعني؟» ما السبب وراء عدم مشاركتك في أعمال فنية مع القطبين أم كلثوم وعبدالحليم حافظ؟- كان هناك لقاء بيني وبين أم كلثوم ووجهت إلى تكليف لكي أفكر من أجل الدخول معها في عمل فني ولكن لم يحدث نصيب في ذلك، وعبدالحليم أيضًا حدث نفس ما حدث مع أم كلثوم، ولكن لم يحالفني التوفيق للعمل معهم.
هل عدم اشتراك محمد سلطان مع أم كلثوم وعبدالحليم، بسبب أنهما منافسان لفايزة أحمد؟
- لا، إطلاقًا، فايزة دائمًا كانت تقدم لي التشجيع للتلحين لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ، ولكن لم يشأ الله، «أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد».
الخفايا عن علاقة محمد سلطان بفايزة أحمد؟
- فايزة أحمد تُمثل بالنسبة لي، أنها من دمي فهي أقرب شخص لقلبي، فلن تكن زوجتي فقط، فكانت كل حياتي «لو قعدت أتكلم عنها من هنا لشهر قدام مش هقدر أديها حقها»، تزوجتها عن حب ولن أنسى حياتي معها حتى الآن ولن أنساها أبدًا، فلها دور كبير في حياتي فنيًا وعائليًا، من أكثر الشخصيات قدمت لي المساعدة في بداية مشواري الفني «كفاية إنها إدتني صوتها وبقت تغني من ألحاني»، فهي كانت مؤمنة بموهبتي، وقالت لي «إنت هتبقى مُلحن كبير جدًا، إنت متقلش حاجة عن المُلحنين الكبار في ذلك الوقت».
ما هي أكثر الأغاني حبًا لقلبك من ألحانك وغناء فايزة أحمد؟
- أنا لحنت لفايزة كثير، لذا أُحب أغلبية أغاني فايزة، «أنا مش بعمل حاجة غير لما أكون بحبها، لو مبحبهاش مش هلحنها، لازم أكون بحب الكلمات المكتوبة كمان عشان ألحنها».
من المطرب الموجود حاليا خامة صوته تتشابه مع أصوات التراث الجميل؟
- «هاني شاكر طبعا، ومحمد ثروت كويس جدًا، ومدحت صالح، ومن المطربات طبعًا نادية مصطفى دي بنتي مش محتاجة كلام، وبرضو ميادة الحناوي».

ما رأيك في محمد منير وعمرو دياب وحماقي وتامر حسني؟
- لا، أنا لم يسبق لي العمل مع أحد منهم، «ومفيش داعي أتكلم عن حد وأنقد حد، لو كان عندي حاجة حلوة هقولها، أنا مش هتكلم عنهم خالص».
ما رأيك في لون الأغاني الجديد «المهرجانات»؟
- لا، هذا اللون ساقط وفن دنيء، فأنا مؤمن بكل ما هو راقٍ وله رنين في الوجود، «إنما الهلس والخبط والرزع والتنطيط ده مش موسيقى خالص، فالموسيقى قبل ما تكون رتم فهي جُمل موسيقية جميلة».
هل تدعم هاني شاكر في مهاجمته لـ«المهرجانات»؟
- أنا مؤيد لهاني شاكر وأُقدم له الدعم، لا بد من تنظيف الوسط الفني من هذه الأشكال الرديئة وما يقدمونه من فن حقير، «الموسيقى لازم تهز الوجدان، لدرجة إنك ممكن تبكي وأنت بتسمعها».
ما هي طبيعة يومك الآن؟
- أنا إنسان طبيعي وبسيط، فأنا من عائلة راقية للغاية، لذا تمت تربيتي على النظام والانضباط، وشديد الاحترام بالمواعيد والتقاليد، لذا فأنا فنان مُثقف.
هل توافق إذا عُرض عليك التلحين مرة أخرى حاليًا؟
- نعم، لا يوجد عندي ما يمنع، ولكن شرطي الوحيد، «ألحن لحد من ولادي فنيًا»، ألا وهم هاني شاكر أو محمد ثروت أو مدحت صالح أو نادية مصطفى.
من يزورك بالوسط الفني أو من المشاهير؟
- هاني شاكر ومدحت صالح، دائمًا يأتيان لزيارتي، وأيضا وائل الإبراشي قبل مرضه، ربنا يشفيه.
ماذا عن صور الرئيس السادات المُعلقة على الجدران؟
- السادات كانت تربطني به علاقة قوية، كان يحبني ومُعجب بألحاني، دائمًا كنت أذهب معه إلى مزرعته بالقناطر، ليدندن على أنغام ألحاني، وكان يحب أغنية العيون الكواحل.
تعليقات الفيسبوك