«رئيفة»، سيدة في العقد التاسع من عمرها، تهاونت صحتها كثيرًا وأكلت الأيام من جسدها ما أكلت حتى أبقته يكاد يكون جلدًا على عظم، ورغم ذلك وهي في هذه السن المتقدمة، إلا أنها تقف قرابة الـ14 ساعة على قدميها خلال عملها في أحد الأفران في حي عابدين بالقاهرة كي تعول ابنها صاحب الـ63 عامًا وحفيدها.
تحكي «رئيفة»، 86 سنة، تسكن في أحد شوارع عابدين، في حديثها لـ«الوطن»، أن زوجها توفاه الله منذ نحو 27 سنة، وتعيش الآن مع ابنها «عبدالمولى»: «ابني أتجوز وخلف ولدين وبنتين، بعد كده حصلت خلافات مع مراته وانفصلوا عن بعض.. عياله كلهم إتجوزوا وآخر ابن من ولاده بعد ما اتجوز مراته خلعته وكان عايش معايا أنا وأبوه».
رئيفة: حفيدي سرقني وطردني من البيت
تعرضت «رئيفة» للسرقة من قِبل حفيدها صاحب الـ43 عامًا، مما دفعها في النهاية إلى طرده من البيت لتظل هي ووالده فقط (ابنها): «ابن ابني كان كويس وكان خلاص هيدخل جامعة بس جه من أكتر من 20 سنة صاحب ناس مش كويسة وعلموه شرب المخدرات، وبسبب كده مراته خلعته وجه عاش معايا أنا وأبوه، وفضل يسرق كل حاجة ويبيعها وفي الآخر مقدرتش أستحمل اللي بيعمله وطردته».
تحكي السيدة التسعينية أن ابنها «عبدالمولى» لديه ابنته الصغرى التي توفي زوجها الأول تاركًا لها طفلا بعمر 4 شهور، واضطرت بعد ذلك إلى الزواج من رجلٍ آخر، إلا أن هذا الرجل لم يتكفل بمصاريف ابنها الذي وصل سنه الآن إلى 11 عامًا.
«بصرف على ابن بنت ابني، اللي في سنة 5 ابتدائي، بياخد دروس بـ800 جنيه في الشهر بتحملها أنا وابني عبدالمولى اللي هو جده، إحنا اللي بنصرف على دروسه ولبسه وأكله وشربه، لأن أمه اتجوزت ومحدش بيصرف عليه.. كل ما ربنا بيكرمني بحاجة بوديهاله علشان يقدر يكمل تعليمه»، بحسب «رئيفة»، التي تحصل على معاش شهري قدره 800 جنيه شهريًا، وتعطيها بالكامل للطفل.
استأجر ابنها «عبدالمولى» تاكسي للعمل عليه مُحاولًا التكفل بمصاريفها ومصاريف حفيده، إلا أن ظروفه الصحية تمنعه أحيانًا من العمل: «عايشة في أوضة في المنَوَّر والحشرات والفيران بتنزل عليا.. بدفع إيجار للأوضة 50 جنيه في الشهر، الكهرباء ساعات بتجيلي بـ100 أو بـ200 جنيه وفاتورة المياه ولاد الحلال بيدفعوهالي، وكمان مكانش عندي غاز وولاد الحلال دخلولي غاز وبدفع 24 جنيه في الشهر».
رئيفة: باخد مسكنات عشان أقدر اشتغل
تبدأ «رئيفة» معاناتها اليومية في عملها من الساعة الـ7 صباحًا وحتى الـ9 مساءً، مُتحاملة على نفسها وهي تتكبد آلام قدميها واعتصار جنبها الأيسر الناتج عن وجود بعض الحصوات على الكُلى: «بعد وفاة جوزي اضطريت أشتغل.. الأول كنت بلف على المخابز أوزع خميرة، بس دلوقتي مش قادرة ألف، فاشتغلت أرص المخبوزات على الصاج علشان تدخل الفرن تتحمص، بخلص شغل بالليل وبرجع أوضتي ساعات مبقدرش آكل ولا أشرب، يادوب بَصَلي وأرمي نفسي وأنام»، لافتة إلى أنها منذ 3 سنوات سقطت على ذراعها الأيمن مما سبب لها آلامًا تعود إليها بين الحين والآخر أثناء عملها: «باخد مسكنات علشان أقدر أشتغل».
تعليقات الفيسبوك