رحلة مليئة بالحنين إلى الماضي وذكريات المراهقة قطعها من بلد لآخر بحثًا عن معلميه في الثانوية العامة، منهم من توفاه الله ومنهم من ظل على قيد الحياة حتى توصل إلى اثنين منهم في النهاية، قطع آلاف الأميال من أجل زيارتهما في مصر عرفانا بالجميل.
رحلة بحث بدأت من السعودية
البداية كانت من المنطقة الجنوبية بالسعودية التي نشأ منها خبير القانون الدولي السعودي «عماد الهاجري» والذي بدأ بالبحث عن معلميه المصريين بعد مغادرتهم أراضية المملكة السعودية حين بلغوا سن المعاش وعادوا إلى وطنهم الأم مصر، لكي يزورهم ويشكرهم على ما فعلوه معه، فكانت فترة التدريس كما روى لـ«الوطن»، هي الأساس والسبب الرئيسي الذي أدى لتفوقه العلمي ووصوله للمكانة التي وصل إليها.
شهران كاملان قضاهما «عماد» في تتبع آثار لمعلميه ولكن دون جدوى كان يسأل عليهم المعلمين الوافدين من مصر فلا يجد إجابة شافية، انقطعت الأخبار نهائيا عنهم لم يتركوا له عنواناً ولا وسيلة يمكن الاستدلال عليهم منها، بحسب تعبيره.
البحث عبر صفحات فيس بوك
بعد أن يأس من الوصول إليهم، فجأة تواصل معه أحد أصدقائه المصريين القدامى في مرحلة الدراسة الثانوية بالسعودية عن طريق «فيس بوك» يسأله عن أحواله وعن ذكريات المدرسة والمدرسين ليخبره «عماد» أنه يبحث عنهم منذ فترة طويلة، وهنا لعبت الصدفة دورا كبيرا«والد صديقي ده طلع مدرس في نفس المدرسة اللي اتخرجت منها فاستطاع من خلاله العثور على طرف الخيط الأول.
بداية الوصول لطرف الخيط
استمر الرجل السعودي في محاولات العثور على معلميه، حتى استدل على أثر أحد الأساتذة يدعى «يونس» بعد أن أخبره والد صديقه المصري بعنوان المدينة التي ينحدر منها معلمه، وعلى الفور استغل «الهاجري» انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وكتب على صفحة تابعة للمدينة عبر موقع فيس بوك اسم المعلم كاملا والمحافظة والمدينة طالبا من الأهالي معرفة بيانات هذا الرجل ورقم هاتفه وعنوانه ولكنه لم يتوصل إليه ففكر في كتابة منشور عن الموضوع وخلال رحلة البحث قرأه أحد أفراد عائلة هذا المعلم وتواصل مع الخبير السعودي، بحسب قوله.
اللقاء الأول بعد 34 عاما
المكالمة الأولى بين الرجل السعودي ومعلمه الغائب عنه بعد 34 عاما كانت مليئة بالشجن وبتفاصيل مفعمة بمشاعر وأحاسيس راقية وعظيمة حسب ما ذكره «عماد»، «من أجمل الحاجات إنك تبحث عن اللي زرع فيك الوفاء والشغف»، واتفقا على اللقاء عندما يعود «عماد» الى مصر خلال أيام وبالفعل حددا الموعد والتقوا في حماس شديد.
مفاجأة كانت في انتظار «عماد» حيث اصطحب أستاذ «يونس» معلم الرياضيات «عبد المقوي» الذي كان يدرس له في السعودية أيضا، وفي أحد الفنادق الذي تعود أن يقيم به الخبير السعودي عند نزوله لمصر جلس الثلاثة في صفا يتبادلون أطراف الحديث ويستعيدون الذكريات واللحظات التي عاشوها معا.
وصف «الهاجري» اليوم بأنه وقت لا يقدر بثمن، مر الوقت سريعا برغم جلوسه معهم ساعات، بعثوا فيه الشعور بالفرحة وكان نوعا من رد الجميل والوفاء لأصحاب يستحقونه فكانوا بمنزلة الوالد الثاني له فكان يعيش معهم أكثر مما عاش ببيته، «حبيت أوريهم كيف أصبحت ودوري في الحياة»، لم يتغير شيء في المعلمين الاثنين، فما زال إحساسهما الأبوي والتربوي ونبرة المسؤولية موجودة كما توقع، بحسب وصفه.
لم يغفل الرجل السعودي أن يسأل عن أحد مدرسيه الأستاذ «صالح» ولكن أخبره معلمه أنه قد توفاه الله منذ فترة، وعبَّر «الهاجري» عن حزنه لسماع هذا الخبر فكان أستاذا مرحا يحب تلاميذه وكانوا يلقبوه بـ«أبو أضحى»، وأكد أنه ما زال في رحلة بحث عن الباقي لأنهم أصحاب الفضل الأول بعد الله فيما هو فيه.
تعليقات الفيسبوك