«كتلتان من الحجر على شكل دائري، توضع فوق بعضها، وبينهما فراغ يحوي الغلال لطحنها»، هذا ما يُسمى بـ «الرحايا»، وهي عبارة عن أداة حجرية لطحن لمختلف أنواع الحبوب استخدمها المصريون القدماء، ورغم اختلاف أشكالها لدى الفراعنة، لكنهم تفننوا في استخدامها سواء من خلال أحجار كبيرة يتم سحبها من خلال حيوانات وماشية، أو أحجار صغيرة تُستعمل بشكل يدوي لطحن الغلال والحبوب المتنوعة.
كيف تُستعمل سيدات الصعيد «الرحايا» ؟
«كريمة أحمد»، تُقيم بمنطقة البياضية شرق محافظة الأقصر، قالت إن الرحايا، أو آلة الطحن القديمة كانت أحد أهم مكونات المنزل لدى كبار العائلات خاصة في الصعيد حيث توارثوها عن أجدادهم القدامى، ويُمكن استعمالها في جميع الأوقات وفي مختلف الأشياء، حتى أن بعض الأفراد يقومون بإعارتها لجيرانهم مجانًا لإستعمالها ثم إعادتها لهم مرة أخرى.
ماهي مكونات «الرحايا»..و أهم الحبوب التي تطحنها؟
وأضافت «كريمة»، أن الرحايا تتكون من حجرين على شكل دائري، بينهما فراغ وقطعة خشبية صغيرة لمنع احتكاك الحجرين سويًا، ثم تضع الغلة داخل الفراغ، وتقوم باللف عدة مرات بيديها بإستعمال يد خشبية يتم وضعها في حفرة صغيرة أعلى الحجر الأول ثم تقوم باللف عدة مرات وتنتظر لحين سقوط الطحين وتقوم بتجميعه ثم استعماله.
لفتت إلى أنها وثت الرحايا عن والدتها ووالدتها، وتستخدمها في طحن الفول وأحيانًا الملح، والقمح، ويُمكن من خلالها تجهيز الفريك للحمام المحشي وكذلك الكباب وبعض المخبوزات في أوقات مُعينة، لتُصبح عمود أساسي في المنزل لا يُمكنها أن تستغنى عنها.
كريمة: مانقدرش نستغنى عنها فيها ريحة الجدود
وعن إمكانية استغنائها عن آلة الطحن اليدوية، تقول: «مانقدرش نستغنى عنها، تعودنا عليها، فيها ريحة الجدود»، لافتة إلى أن الرحايا تتطلب الوقت والجهد لطحن بعض الحبوب، لكن رغم ذلك لم تفكر من قبل في الإستغناء عنها: «فيه ناس باعتها، بيستعملوا حاجات بالكهربا، لأنها اوفر الوقت والجهد» .
«الرحايا» في العصور القديمة
يقول، طيب غريب، مدير معابد الكرنك، شمال الأقصر: «كان الفراعنة يعتمدون في صناعة الخبز على أنواع مختلفة من الحبوب مثل القمح ويُصنع منه الخبز الأبيض وهو مخصص للطبقات الاجتماعية العالية، ومادة الشعير ويُصنع منها خبز الشعير وهو مُخصص للطبقات المتوسطة من المجتمع، ولكن العيش بشكل عام قديمًا كان يُسمى (البتاو)،ويُصنع من حبوب الذرة أو حبوب مختلفة يتم طحنها وصناعة الخبز البلدي للفقراء وعامة الشعب».
وأضاف أن الرحايا نوع من الأحجار لم يتم استعماله سوى في العصر البطلمي والروماني، كما استمر استعمالها حتى العصور الوسطى منذ أكثر من 230عامًا، وهو الأسلوب المُتبع في طحن الحبوب والغلال حينئذ، لافتًا، إلى أن صناعة الرحايا في العصور الوسطى كانت تتطلب قيام بعض الأشخاص بسرقة الأحجار الأثرية خاصة المصنوعة من مادة الجرانيت ومن ثم تصنيع الرحايا الحجرية الحديثة الشكل، وظل استعمالها فيما بعد حتى العصور الوسطى والحديثة.
تعليقات الفيسبوك