عقارب الساعة تشير إلى الثانية صباحا، ينظر إليها «مصطفى» بهدوء وينهض من على فراشه متجها نحو الحمام ويرتدي ملابسه، فيومه يبدأ في ذلك الوقت المبكر بخلاف سائر البشر، وفي تمام الثالثة صباحا تجد الشاب الثلاثيني في سوق بني مزار بمحافظة المنيا جالسا داخل محل تجارة الفاكهة الجملة، ليتذكر في صمت مرير عمله السابق وإجباره على الاستقالة.
يحكي مصطفى رجب البالغ من العمر 37 عاما، أنه حاصل على دبلوم صناعي، وعشق السياحة بشدة ليطير نحو حلمه في عام 2009 ويعمل في أحد الفنادق بمدينة الغردقة، وكل يوم يمر يزداد حب السياحة والعمل في مجال المطاعم بداخله، وظل على تلك الحال يحلم بالترقية والتي تبقى عليها أقل من شهر لتصطدم أحلامه بصخرة الواقع ويفيق على وجود إدارة جديدة وخفض عمالة ومعاملة سيئة أجبرته على الاستقاله بعد حرمانه من ترقيته.
«بعد 6 سنين اشتغلتهم في الفندق رجعت لنقطة الصفر تاني، ومشيت وأنا مظلوم وحقي راح، وسبت السياحة خالص واشتغلت في مجال الفاكهة الجملة».. بكلمات يقطر منها الحزن والمرارة استرجع الشاب ما مر به، إذ وجد نفسه فجأة في دائرة مفرغة َعليه العمل لبدء حياته من جديد «بشتغل محاسب في محل فاكهة جملة في بني مزار وبليل في محل اكسسوارات».
تابع «مصطفى» حديثه لـ«الوطن»، أن زوجته وطفليه الصغيرين في حاجة ماسة إليه كما أنه في انتظار مولود جديد، ما شجعه على الصبر ولكن يوما بعد يوم يجد الشاب أن ما يجنيه من المهنتين معا لا يكفي معيشته «يومي بيبدأ الساعة 3 الصبح وبخلص في السوق على الساعة 11 الصبح، بروح آكل وأنام وأنزل على العصر أفتح محل الاكسسوارات، هو شرك بيني وبين صاحبي».
ينفق «مصطفى» على والديه وأسرته، وشقيقاته الـ6 متزوجات وأما شقيقه الأصغر في الجيش «بشتغل ليل نهار ومش مكفي، مفيش ولا تأمينات ولا رعاية صحية لو تعبان ممكن أقفل المحل، ولو في سوق الفاكهة تعبت ولا جرالي حاجة اليوم يتخصملي وممكن يجيبوا غيري، نفسي في شغلانة كويسة ليها مصدر دخل مناسب لتأمين مستقبل عيالي».
تعليقات الفيسبوك