أحد اعمال طلبة إعدادي كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان
إذا كان المثل الشعبي يقول «بيعمل من الفسيخ شربات»، للتعبير عن قدرات أي شخص ينجح في تحويل أي شيء مهمل إلى منتج جديد له استخداماته، فهذا هو بالضبط ما فعله طلاب «إعدادي» بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، خلال مادة مشروع إعادة التدوير، بعدما استخدمت كل مجموعة منهم أشياء مهملة، قد يكون بعضها مُضرا للبيئة، في صناعة مجسمات ومنحوتات فنية حقيقية، أبهرت كل من شاهدها، قبل أن تبهر أساتذتهم ومشرفيهم بالكلية، الذين منحوهم الدرجات النهائية، وبعضهم استحق نقاط إضافية تقديرا للإبداع الذي قدموه بمشروعاتهم.
«باندا» من الأكياس البلاستيكية
ومن ضمن تلك المنحوتات التي أبهرت الجميع، كان مجسم «الباندا» المصنوع من الأكياس البلاستيكية، الذي قامت بتنفيذه الطالبتان (مريم حسن وفرح إبراهيم)، حيث تقول مريم إبراهيم، الطالبة بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، إحدى أعضاء هذا المشروع: «كنت عايزة أعمل الباندا لأني بحسه كائن مسالم أوي ومش مؤذي»، موضحة أنها وزميلتها اختارتا الأكياس البلاستيكية وأعادتا تدويرها في صناعة هذا المجسم على هيئة حيوان الباندا، مؤكدة أنهن لجئن أيضا إلى استخدام الأكياس البلاستيكية، لتوضحا أنه من الممكن أن تُستخدم في أشياء كثيرة بدلا من التلوث الذي تسببه للبيئة إذا تم حرقها أو إلقائها بالبحار والأنهار، لافتة إلى أن ذلك يترتب عليه أذى كبيرا للكائنات البحرية، ولهذا حاولت هي وزميلتها أن يخرجا فنا من هذه الأكياس بصناعة «الباندا».

وأشارت طالبة الفنون الجميلة في حديثها مع «الوطن»، إلى أنهن لم تواجهن أية صعوبات في صناعة هذا المجسم، متابعة: «كنا متفاهمين أوي يعني واحنا بنركب الأكياس كان كل واحده عايزة تعملها بطريقة، فجربنا الطريقتين وبعدين اخترنا أنهي اللي شكلها أحلى وعملناها، ومفضلناش نقاوح ونتخانق كنا بنحب نجرب كتير فكنا بنتغلب على أي مشكله بهدوء»، كاشفة أنها وزميلتها عملتا على هذا المشروع لمدة عشرة أيام حتى أنهينه وخرج بهذه النتيجة.

وحيد القرن المهدد بالانقراض
وعلى بضع خطوات، كان هناك مجسم آخر وعمل نحتي مختلف لحيوان «وحيد القرن»، واستخدمت المجموعة المنفذة له «كوتشات العربيات» لتصميمه، ليخرج في النهاية أكثر من رائع، وينال الكثير من الإشادات أيضا، ونفذه مجموعة أخرى مكونة من الطلاب (مريم إيهاب، وملك عز الدين، وعبير وليد، وعمر رمضان، وعفاف أحمد)، وعن ذلك تقول مريم إيهاب: «في الأول عملنا إسكيتشات كتيرة، وكان من ضمنها وحيد القرن الهندي، ودكتور إيهاب الطوخي عجبته الفكرة، وقرر تنفيذه»، موضحة أن أحد أهم الأسباب التي دفعتهم لتنفيذ هذا المجسم، هو أن وحيد القرن حيوان قارب على الانقراض، فحاولوا صنع مجسم له للتعبير عن اهتمامهم بهذا الحيوان، الذي يتمنون ألا ينقرض.

وكشفت طالبة الفنون الجميلة في حديثها مع «الوطن»، أن مجموعة عملهم قابلت صعوبات كثير في سبيل تنفيذ هذا المشروع، موضحة أن من بينها: «اللحام بتاع الحديد كان بيفك لكننا حاولنا، والحمد لله عملناها بسلك رباط وظبطنا الجسم»، مؤكدة أن مجموعة عملها استطاعت تخطي كل الصعوبات التي واجهتهم، ونال العمل في نهاية التقييم أكثر من ممتاز، متابعة: «إحنا المشروع من 40 وجبنا 40 من 40+4 يعني جبنا 44 من 40».

نحلة 30 كيلو من الخردة
ولم تنتهِ الإبداعات الفنية التي قدمها طلبة الفنون الجميلة عند هذا الحد، حيث كان هناك مجسم «النحلة العملاقة» المصنوعة من حديد الخردة، التي قدمتها مجموعة أخرى من الطلاب وهم (محمود معروف وليلة أشرف، ومريم ميلاد ومريم عمرو ومريم إبراهيم)، وبدوره أوضح محمود معروف، الطالب بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، أن اختيار أعضاء كل فريق عمل تم بشكل عشوائي، معللا أن سبب ذلك أن أستاذ المادة كان يرغب في أن يشاهد كيف ستكون روح التعاون بين الطلبة، كاشفا أن فكرة المشروع قائمة على محاولة استخدام خامات لا يمكن أن يتوقع أحد أنه من الممكن أن تخرج منها أعمال فنية، مضيفا: «واحنا كطلبة كان دورنا إننا ندور كويس علي الخامات والأشياء المناسبة، ونبدأ بطريقة معينة، إننا نظهر بيها الشكل اللي عايزين نعمله، فقررنا إننا هانعمل نحله من خردة الحديد، وعرضناها على الدكتور ووافق عليها، وبعدها نفذناه على طول».

وأوضح طالب الفنون الجميلة في حديثه مع «الوطن»، أن فريق عملهم قابلته مشكلة كبيرة خلال تنفيذ هذا المشروع، تتمثل في عملية البحث عن القطع المناسبة والمتشابهة مع أجزاء جسد النحلة، متابعا: «نزلنا أسواق كتير وفضلنا ندور كتير جدا، يعني نزلنا فوق الـ6 أسواق عشان ندور علي خردة مناسبة، وكان من أصعب الحاجات إننا نبدأ نشوف مكان كل قطعة هيبقى فين بالضبط ونبدأ نلحمها على وضعها لحد ما الشكل اللي عايزينه يظهر»، مؤكدا أن المشاكل لم تنتهِ هنا، فبعد تنفيذ المشروع كان هناك مشكلة أخرى تتمثل في كيفية نقل مجسمهم إلى ساحة الكلية الخاصة بهم، كون وزنه أكثر من 30 كيلو جرام، مشددا في الوقت ذاته أن فريق عملهم نجح في التغلب على كل هذا، مواصلا: «مشروعتا اتقيم بالدرجة النهائية، والمشرفين كانوا فخورين جدا بالمنتج النهائي».

السمنة مرض العصر
ولأن السمنة مرض العصر الذي يهدد الملايين من سكان كوكب الأرض، فقد كان من الطبيعي أن يتواجد مشروع وسط كل هذا الإبداع يعبر عن هذا المرض وتلك القضية المهمة، الذي قدمه الطلاب (فاطمة الزهراء حسن، مريم اسلام، مريم عادل، مريم أحمد، مايكل ماجد)، حيث أبرز خطورة هذا المرض من خلال مجسم، لسيدة تعاني من السمنة الزائدة بشكل كبير، مصنوع من أكياس المنتجات الغذائية التي تتسبب في تلك السمنة.
وحول هذا تقول الطالبة فاطمة الزهراء حسن، إن فريق عملهم بعدما قدم أفكارا جديدا لمشروعهم استقر في النهاية على مجسم يوضح مخاطر السمنة، كونها قضية تهم الكثير من الناس داخل مصر وخارجها، لافتة إلى أنهم حتى ينفذوا ذلك بشكل سليم أُجبروا على دراسة تشريح الجسم السليم، حتى يتمكنوا من نحته بشكل سليم، موضحة أيضا أن من الأشياء التي ساعدتهم كان التوزيع الذكي في اختيار طلاب كل مشروع، بحيث يكون كل فريق يجمع فرد قادر على النحت، وآخر قادر على التفكير والإبداع وآخر نشيط وسريع الحركة.

وأكدت طالبة الفنون الجميلة، في حديثها مع «الوطن»، أنهما لأول مرة يعملون على نحت مجسم بهذا الجحم وهو ما جعلهم يبذلون مجهودا بدنيا كبير للغاية، مضيفة: «اشتغلنا على المشروع ده 11 يوما متواصلة، وكنا كل يوم من 9 الصبح في الكلية لحد ما الدنيا تليل علينا، بس الحمد لله النتيجة اللي وصلنالها في النهاية عوضتنا عن كل التعب ده والحمد لله خدنا 40 من 40».

تنين كائن خرافي
وبعيدا عن كل الكائنات والأمراض التي تعرفها البشرية، كان هناك مجموعة أخرى بتلك الكلية تحاول أن تقدم إبداعا من نوع آخر، قائم على فكرة صناعة مجسم لتنين وهو «كائن خرافي» ونفذوه بتصورهم الخاص، والحديث هنا عن طلاب مجموعة عمل التنين المصنوع من الحديد وورق الصحف والكارتون، وهم (محمد سامح، فرح عبدالكريم، مارتينا هاني، لجين محمد عصام، مريم عبدالله)، حيث تقول فرح عبدالكريم، طالبة بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، وإحدى أعضاء تلك المجموعة، إن مجسمهم كان فكرة زميلتها مريم عبدالله، كاشفة أنهم حاولوا تنفيذ مجسم لكائن خرافي بتصور غربي بعض الشيء.

وأضافت طالبة الفنون الجميلة في حديثها مع «الوطن»: «حاولنا ننفذه بأبسط الخامات الموجودة، عشان هو مشروع إعادة تدوير. وممنوع نشتري خامات، فاستخدمنا أولا الحديد عشان نبني عليه وبعد كده ورق الجرايد، ومكسي كارتون وورق كرافت»، موضحة أن الهدف من المجسم الذي صنعوه هو أن نوصل للجميع مفهوم أنه من الممكن صناعة فن من أي شيء حتى لو كان ورق جرائد فقط أو حتى أبسط الخامات، كاشفة أنهم استطاعوا تنفيذ مجسم ضخم طوله يتعدى الـ140 سم، واستغرق العمل عليه حوالي تسعة أيام متتالية، متابعة: «كنا بنشتغل كل يوم من 9 الصبح لـ7 بالليل، بس درجات البونص اللي خدناها فوق الدرجة النهائية فرحتنا، خدنا 43 من 40».

الكسلان من الكتان
عمل إبداعي آخر خرج من طلبة إعدادي كلية الفنون الجميلة، كان أبطاله هذه المرة الطلاب (مريم أشرف، عبير عصام، فرح الجندي، محمد هاني، مريم سامي)، الذين استخدموا الكثير من المواد في صناعة مجسم لحيوان الكسلان بداية من سلك الألومنيوم ومرورا بأكياس بلاستيك وورق جرائد ونهاية بالكتان، حيث تقول مريم سامي، الطالبة بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، إن فكرة المجسم الذي صنعوه تعود لزميلهم محمد هاني، وحاولوا من خلال هذا المشروع أن يستخدموا الكثير من المواد في بناء الجسم، وبعد ذلك قاموا بتجربة أكثر من شيء في صناعة الشكل الخارجي للمجسم، حيث جربوا ورق الجرائد وكذلك الأكياس البلاستيكية قبل أن يلجؤوا في النهاية لاستخدام الكتان.

وكشفت طالبة الفنون الجميلة في حديثها لـ«الوطن»، أن تنفيذ هذا المشروع لم يكن بالأمر السهل، فمسألة تجميع خصل الكتان الذين غلفوا به جسم منحوتهم كانت وحدها مشكلة كبيرة، متابعة: «مكناش كمان عارفين هانثبتها إزاي على الفورم، واستقرينا في الآخر على استخدام الشمع»، مؤكدة أن كل عدد ساعات العمل الطويلة التي قضوها في سبيل تنفيذ هذا المشروع لا تساوي شيئا أمام فرحتهم بأنهم قدموا منتجا فنيا طوله حوالي 60 سم، وأعجب كل من شاهده وحصل على تقييم أعلى من الدرجات النهائية بثلاث نقاط.

لم ينسوا مرضى سرطان الثدي
ولأنه ليس هناك انتصارا أفضل من الانتصار على مرض السرطان بمختلف أنواعه، فانتصار المرأة على سرطان الثدي، كان حاضرا أيضا ضمن الإبداعات التي قدمت بكلية الفنون الجميلة، حيث حاول مجموعة من الطلاب وهم (ماريا ماجد سيداروس، فرح بهاء الدين يوسف، فاطمة سلامة عبدالبصير، علي هشام محمد، غادة عاطف علي) أن يصنعوا مجسما فنيا، يعبر عن فخرهم بانتصار كل امرأة على هذا المرض اللعين، حيث تقول ماريا ماجد سيداروس، إن اسم مشروعهم «بهية لسرطان الثدي»، وحاولنا من خلاله أن ننقل انتصار كل امرأة على مرض سرطان الثدي، لنؤكد لها أننا فخورون بقوتها وتحملها لكل مراحل المرض وصمودها أمام كل تلك الآلام.

وكشفت طالبة الفنون الجميلة في حديثها مع «الوطن»، أن الأمر لم يكن سهلا في تنفيذه، خاصة أن أحد أعضاء فريق عملهم كان مصابا بفيروس كورونا خلال فترة العمل على المشروع، مضيفة: «وبرغم ده كان بيشتغل من البيت، لحد ما تعافى، ووجوده معانا فعلا فرق كتير عشان رجعنا بقينا خمسة من تاني، فحاولنا التغلب على مشكلة توافر الخامات اللي محتاجينها لأن الموضوع مش سهل إيجاده كان محتاج بحث كتير، غير ضغط الوقت لأن كان في وقت محدد لتسليم المشروع».

طائر أسطوري
وبالعودة للكائنات الخرافية والأسطورية، كان هناك أيضا مشروع طائر العنقاء، ذلك الطائر الأسطوري الذي صنع الطالبات (علا ماهر، ماريا اشرف، فريدة خالد)، وتكشف علا ماهر، الطالبة بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلون، إحدى عضوات هذه المجموعة، السبب في اختيارهم لطائر العنقاء بالأخص، قائلة: «طائر العنقاء هو طائر أسطوري موجودة فكرته في حضارات كتير، أشهرها المصرية واليونانية، هو طائر بيعاد إحيائه من جديد باستخدام الرماد، فاحنا حاولنا نغير الفكرة التقليدية للعنقاء النارية حاولنا ندمجه مع الطبيعة المحيطة بيه واللي بيعيش فيها».

وأضافت طالبة الفنون الجميلة في حديثها مع «الوطن»: «ومن هنا جت فكرة أغصان الشجر، إحنا حاولنا نوصل فكرة قوة العنقاء وشجاعتها، وفي نفس الوقت الشكل والعنصر الجمالي بتاعها، عشان نبرز قوتها في وضعيه الحركة بتاعتها وتعابير وشها مع شكلها الجميل»، موضحة أنهم حتى يتحصلوا على المواد الخادم التي استخدموها في صناعة هذا المجسم، تطلب منهم الأمر الذهاب إلى أماكن بعيدة للغاية، مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن يساعدهم بهذا العمل طالبين آخرين، لكن بعض الظروف الخاصة بهم منعتهما من ذلك، فأُجبروا على العمل عليه بمفردهم، متابعة: «كنا 3 بس اللي شغالين فيه وده خلانا مضغوطين جدا فيه، بس في النهاية يعني كنا مستمتعين بده، وكل ما كان بيحصلنا ظرف يخلينا محبطين كان الدكاترة عندنا بيشجعونا لحد ماوصلنا للي إحنا عايزينه وخدنا 44 من 40».

تعليقات الفيسبوك