قبل نحو 15 عاما، ومنذ أن بدأ الصغير «بيبرس» يخطو خطواته الأولى في طفولته، كانت والدته على موعد مع اكتشاف حقيقة إصابته باضطراب طيف التوحد، سلوكيات مختلفة «غريبة» اتضحت جليًا على الصغير في أعوامه الأولى دفعت أسرته إلى الذهاب به إلى عيادات الأطباء في دولة الإمارات العربية، حيث ولد هناك، لتشخيص حالته، ومن طبيب لآخر جرى تشخيصه في نهاية الأمر من أحد المستشفيات الحكومية هناك بأنه اضطراب طيف التوحد، وأعراض متلازمة «اسبرجر» وكان الصغير بيبرس على موعد مع أدوية مرض فرط الحركة المعروف علميا بـ«adhd» لمدة 9 سنوات من عمره.
متلازمة أسبرجر
انتهت سنوات العمر الأولى للصغير «بيبرس ممدوح»، ومنذ أن التحق بالمدرسة ظهرت مشكلة كبيرة لا تزال تواجهها أسرته معه حتى الآن، «بيبرس مش بيقدر يتكلم أي لغة غير اللغة الإنجليزية»، يتكلم بها ويقرأها ويتعامل بها ويكتبها ببراعة ولا يعرف طريقا للتعامل باللغة العربية، وهو ما تقوله والدته «ندى» في بداية حديثها لـ«الوطن» عن أزمة ابنها البالغ من العمر 15 عاما، ولا تزال مستمرة معه حتى الآن.
رحلة محاولات طويلة قطعتها الأم مع ابنها على أمل تعليمه اللغة العربية، «حاولت معاه بكل الطرق أعلمه نطق وكتابة اللغة العربية مقدرتش»، وبحسب رواية الأم، ذهبت به الأسرة إلى السويد للعلاج والعيش هناك ولكنه رفض تعلم اللغة السويدية بشدة في مدارس الدولة الحكومية وتسبب ذلك فى تأخره 3 سنوات عن الدراسة.
عدم القدرة على الحديث بأي لغة غير الإنجليزية
مرحلة جديدة في رحلة علاج «بيبرس» بدأت منذ عام 2017 بعودة الأسرة إلى مصر للاستقرار بها، لا يجيد المراهق التعامل مع الآخرين سوى باللغة الإنجليزية، وباءت كل محاولات الأم لتعليمه اللغة العربية بالفشل، «تم تشخيصه في عيادات مستشفى المعمورة للطب النفسي بالإسكندرية بعد الفحص والملاحظة بإصابته باضطراب عالي الأداء» وترك ذلك بصماته على مسيرته الدراسية في مصر، «السنين اللي فاتت حاولت أجيب ليه إعفاء مؤقت من مادة اللغة العربية لكن السنة القادمة شهادة إعدادية» بما يصعب على إدارة المدرسة مساعدة الأم في تصحيح الامتحانات، «بتكون جاية من الوزارة والتصحيح من ناس من الوزارة ولو بيبرس سقط في الامتحانات هيتطرد من المدرسة»، تستكمل الأم روايتها لمعاناة ابنها.
معاناة دراسة المواد باللغة العربية في مصر
اتخذت الأم التقرير الطبي الصادر من مستشفى الإسكندرية الحكومية وذهبت به إلى وزارة التربية والتعليم لإعطاء «بيبرس» إعفاء من المواد التي تدرس باللغة العربية، ولكن عندما جرى تقديم الطلب من المدرسة قوبل بالرفض من أحد موظفي الوزارة رغم أحقية الطالب في ذلك وفقًا للمادة رقم 9 من القرار الوزاي الصادر عام 2017.
لا تزال الأم في حيرة من أمر«بيبرس»، حيث اقترب موعد التقديم للعام الدراسي الجديد دون الوصول إلى حل فعلي لمعاناة ابنها، «آخر فرصة ليا السنة دي وأتمنى الوزارة تعفيه من مواد العربي نظرا لظروفه الخارجة عن إرادتنا».
وحسبما أخبر الأطباء المعالجون الأم «ندى»، فالمصاب بمتلازمة «اسبرجر» يجد صعوبة في الأداء على المستوى الاجتماعي وفي التكيف مع الحالات الشعورية المختلفة، ويتميز بأنماط سلوكية غير شائعة أو استخدام لغة غير نمطية في الحديث مقارنة بمن حوله.
ومتلازمة «اسبرجر» هي إحدى اضطرابات طيف التوحد، ويُظهر المصابون بهذه المتلازمة صعوبات كبيرة في تفاعلهم الاجتماعي مع الآخرين من ناحية الجوانب اللغوية والإدراكية لدى المريض.
تعليقات الفيسبوك