يسير ببطئ شديد، يحمل طفلا علي كتفه، يمسك به بإحدي يديه خشية أن يسقط، واليد الأخرى تمسك شنط بها ملابس الطفل، تأثير الصوم يبدو واضح علي وجهه الشاحب، والذي يميل للاصفرار.
المسافة التي يقطعها يوميا من منطقة أطفيح حتي القاهرة، كفيلة بأن تكون سببا في ظهور علامات الأعياء على وجهه.
اشتدت حرارة الطقس، هرول الجميع إلى جوار الأشجار الموجود في أحد الشوارع للسير إلي جوارها، ولكن سعيد محمد، من أطفيح بمحافظة الجيزة، قرر أن يسير وسط الشارع خشية أن تصطدم رأس الطفل بأحد فروع الأشجار.
معاناة بدأت بكيس دهني
منذ ما يزيد عن 12 عاما، رزق «سعيد» بطفل صغير، جاءت ولادته بشكل طبيعي، لم تكن هناك مشكلات تذكر، كل الأمور كانت علي ما يرام، ولد الفتي وفرح الأب به كثيرا، وتهلل وجهه فرحا كلما رأي الطفل يكبر يوما بعد يوم.
سعادة الأربعيني لم تدم طويلا، بعدما ظهر «كيس دهني»، غريب الشكل على ظهر الطفل، بالقرب من العمود الفقري، وشعر الرجل بحزن شديد، وتمنى أن يكون الأمر مجرد طارئ ويعود الطفل بعدها كما كان، دون الحاجة للطبيب، ولكن مع الأيام، لاحظ «سعيد» أن الورم يزداد، خاصة أنه ملاصق للعمود الفقري: «كيس دهني، بس شكله كان غريب وحجمه كبير، قلت أروح لدكتور عندنا في المنطقة، أشوف كده إيه الموضوع، والواد كان لسه صغير وقتها، كان حوالي 6 شهور».
جراحة عاجلة
ذهب الرجل ومعه الطفل دون سواهم، إلى مستشفى أبو الريش للأطفال، ليعرف ما طبيعة تلك الكيس الموجودة على ظهر الطفل، وهناك أخبره الأطباء أنه كيس دهني يتطلب تدخل جراحي حتي لا تسوء الحالة ويؤثر علي العمود الفقري: «عملوا العميلة وشالو الكيس، وكل الأمور كانت تمام، ورجعت مبسوط البيت وقلت الحمد لله ربنا نجاه، لكن بعد فتره لما بدأ يجري ويتحرك حسيت إن حركته غريبة، وبتظهر قرح كتير في رجليه من المشي، روحت كشفت تاني، وبقالي أربع سنين مش عارف ماله، وإيه سبب القرح دي، لحد ما دكتور قالي ده ممكن يكون بسبب العملية القديمة».
رحلة شاقة
يحمل «سعيد» الطفل في رحلة شاقة تبدأ من إحدى قرى أطفيح حتى محطة مترو حلوان، وهو يحمل الطفل علي ظهره، وعلي كتفه أوقات أخري، ثم يستقل المترو حتي محطة السادات، وهنا تبدأ رحلته اليومية والتي تنتهي مع غروب الشمس: «بطلع الساعة 4 الفجر وبوصل القاهرة حوالي 8 ساعات، أنا هفضل شايلة عمري كله، ورغم بهدله الصيام إلا إني مش حاسس بتعب خالص، وحاسس إني كده مرتاح».
تعليقات الفيسبوك