لم يعلم "محمد" عندما كان يلهو ويلعب مع أصدقائه من 6 أعوام أنه يعيش اللحظات الأخيرة السعيدة في حياته، قبل أن تتحول حياته إلى جحيم بفعل عمود كهربائي عرضه لصاعقة مدمرة دفعته في الهواء ثلاثة أمتار، كانت أسلاك العمود مكشوفة ومبتلة ولم تفلح محاولات إنقاذ الصغير وبترت ذراعيه.
محنة قاسية في مقتبل العمر
محمد السعيد 16 عاماً من أبناء مركز أيتاي البارود في محافظة البحيرة، فقد ذراعيه وهو في العاشرة من عمره، وفي هذا الوقت كان أشد الفترات احتياجاً إلى دعم الأب وحنانه، ولكن على النقيض المتوقع تخلى عنه والده في أحلك فترات حياته وهو ما زاده ألماً فوق وجعه، ولكن الله عوضه بالأم التي كانت خير سند في حياته، فكانت له الأم والأب والأخ والصديق والرفيق.
"محمد" بين جدعنة الأم وخذلان الأب
يتذكر "محمد" تلك اللحظة المرعبة التي غيرت مجرى حياته عندما كان يلعب مع أقرانه كرة القدم، «الكرة كان مبلولة والأسلاك خارجة بره العمود وخبطت فيها وأنا بجيبها الكهرباء صعقتني لدرجة طيرت في الهواء 3 متر»، دخل الصغير في اكتئاب شديد بسبب فقد ذراعيه: «كنت في أوضتي مخرجتش منها لأني فجأة لاقيتي دراعاتي خلاص مبقتش موجودة وده سبب لي أزمة كبيرة».
أبويا "زي الغريب"
هنا يأتي دور الأم في حياة الطفل الصغير الذي تخلى عنه والده، «أمي هي الوحيدة اللي وقفت جنبي وساعدتني أخرج من الأزمة ومستخباش من الناس»، يقولها «محمد» بملء الفم إن والده تخلى عنه بعد الحادث: «أبويا جال لي المستشفى زي الغريب ومشي على طول ومسألش عليا تاني ولا يعرف أنا حياتي بقيت ماشية ازاي ولا مين اللي بيساعدني».
عاش «محمد» وحيداً مع والدته التي تحملت ما أصاب ابنها بمفردها بينما كان الأب ينعم مع زوجته الأخرى وأبنائه «قلبي وجعني واتقهرت قوي عشان أبويا مسألش عليا وسابني وحيد وأنا ماليش أخوات وراح عاش مع مراته التانية وولاده الـ 4 حتى عندي أخوات من أبويا وعارفين أني بقيت عاجز ومسألوش فيا».
لن ينسى صاحب الـ16 عاما ما قدمته الأم من أجله في محنته «أمي تعبت عليا كتير وشالتني في عز عجزي وكانت بتأكلني وتشربني وتدخلني الحمام وكانت بتشيلني لحد ما ضهرها اتقطم عليا وكانت بتقع من طولها عشان تشيلني وتقضي لي حاجتي».
تقول والدة «محمد»، إنها مرت بأزمات كثيرة وعوائق بعد الكارثة التي حلت بابنها، حيث مدرسته في عندما بلغ المرحلة الإعدادية استقباله: «مكنوش عايزين ابني واللي ساعدني سكرتير محافظة البحيرة لحد ما سجلته في المدرسة وبعدين في الثانوية وابني شاطر جداً وبيذاكر ومبقاش يخاف من كلام الناس عشان دراعاته مبتورة».
الأم سعدة فتحي 50 عاماً، تعمل في السلخانة ولا تذوق الراحة حتى توصل ابناها إلى بر الأمان، «بعمل كوبايات شاي للناس واللي بيطلع لي يادوب بيأكلنا ومعاش محمد 447 جنيه»، كل ما تحلم به هي تركيب ذراع صناعية لابنها: «ابني نفسه في دراعات عشان يقدر يكمل حياته ويشتغل».
تعليقات الفيسبوك