كريم عرفة المهندس والطباخ
قد لا تكون مصريًا أصيلا تربى في حواري وأزقة هذا البلد، إذا لم تجرب من قبل أن تأكل الكشري «في كيس»، حيث تثقب هذا الكيس بفمك وتبدأ بعد ذلك في التلذذ بطعم هذه الأكلة الشعبية ولعل الذي دفع مهندس IT مصري هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل حوالي 10 سنوات، أن يُعد نفس الأكلة الشعبية ليلتذذ بها، ولكن بشكل مغاير تماما، ليتحول الكيس إلى كأس زجاجي فاخر، يقدم فيه الكشري بطريقة منظمة للغاية وبشكل أكثر من جذاب، على أمل أن يساعد ذلك في تعريف أمريكا وأوروبا وغالبية دول العالم بأكلات المطبخ المصري، وبالتالي نشرها بتلك الدول.
الأمر لا يتقصر على الكشري فقط فالمهندس المصري، يحاول دائما أن يبتكر شكل جديد لكل أكلات المطبخ المصري، التي يحبها وعاش فترة ليست بالقليلة من الحرمان منها، بالأخص خلال العام الأول من هجرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعمل هناك.
حكاية عرفة مع الكشري
يقول «عرفة»، في حديثه مع «الوطن»: «الحكاية ببساطة، أنا هاجرت أمريكا من حوالي 10 سنين، ومن الأول خالص كنت طالع لأمريكا زي أي شاب، موضوع الطبخ مش في دماغي أوي، طالع أشتغل هناك مهندس IT، ومع الغربة كنت بحس بحنين كبير، للأكل المصري اللي متعود عليه وبحبه، خاصة أني كنت عايش في أماكن مش متوفر فيها أكل مصري تماما».

وأمام هذا الحنين والرغبة الداخلية الملحة بداخله لتذوق أكل مصري من جديد، بدأ المهندس يعلم نفسه طرق صناعة الأكلات المصرية التي يحبها، موضحا: «علمت نفسي بنفسي، والموضوع موقفيشي لحد أني أتعلم أعمل الأكل اللي بحبه خلاص، لأ كنت بجيب الوصفات، وبحاول أطور فيها، مش أنفذها زي ما هي وخلاص، مكنتش عايز أقلد، على قد ما قدر كنت بحاول أطور من عندي، لحد ما أقدر أوصل لشكل أفضل لنفس الأكلة، بيخليها في مكانة أحلى وطعم أحسن».
ومع تعلمه لكيفية إعداد الأكلات المصرية وابتكاره شكل جديد لها وأيضا طريقة تقديم مختلفة، كان يصور هذه الأكلات وينشرها عبر حسابه على موقع فيس بوك، ونالت تلك الأكلات في شكلها الجديد إعجاب الكثيرون واستخدموا عبارات مثل «الكشري بقى ابن ناس»، لتعبير عن استحسانهم لشكل الجديد لأكلتهم الشعبية المفضلة، لكن في نفس الوقت لم يعجب هذا كثيرون أيضا، وهاجموه على التغيير الذي يحاول إدخاله على تلك الأكلات، وهنا يلمح «عرفة» إلى: «المبدأ بتاعي أننا مبحبيش أعمل تعديل على مكون الأكلة نفسها، لأني بشوف أن روح أي أكله في مكوناتها نفسها، وعشان كدا بحافظ أوي على مكوناتها من غير إضافات أو نقصان».

ويكمل: «التعديل بس بيبقى في طريقة التقديم، وده للأسف اللي مبيوصلشي لكل الناس، لأني لما كنت بحط صور للأكلات اللي بعلها بعد ما اخترعلها شكل جديد، كانوا بيفتكروا أني غيرت مكونات الأكلة، أو دمرت روحها، وطبعا هما شايفين الشكل مختلف فبيقولوا كدا، لكن لو أكلوا منها هيعرفوا انها نفس الطعم ويمكن أحسن وبنفس الروح المعروفة عنها، التغيير بس بيبقى في شكل الأكلة وطريقة تقديمها، وأنا بحب شكل الأكل يكون حلو لأن العين بتأكل قبل المعدة».
ويستهدف المهندس الذي يعيش بأمريكا، أن يساهم هذا الشكل الجديد للأكلات المصرية المعتادة، في تعريف العالم بها وبالمطبخ المصري، منبها: « لما كنت بقول لحد أنا مصري، كان بيسألني طب أنتوا بتاكلو أيه؟».
ويتابع: « المطبخ المصري على المستوى التجاري بالنسبة للمطاعم، تقريبا تقدر تقول أنه ملوش وجود بنسبة 99.9%، بمعنى مفيش مكان بتروحه في أمريكا أو أوروبا، وتلاقي كلمة مطعم مصري، مفيش الكلام ده خالص».
ويواصل: «الهدف بالنسبة إلى أن أخلي المطبخ المصري وأكلاته، في المكانة اللي يستحقها في أمريكا وأوربا، لانه شايف أني مفيش حد حمل على عاتقه موضوع أن يخلي المطبخ المصري معروف بره، وتبقى كلمة مطبخ مصري براند، زي المطبخ الهندي أو المغربي أو الصيني، وده الهدف الرئيسي اللي بشتغل عليه أن كلمة مطعم مصري تبقى معروفة في كل مكان، ولما تتقال يبقى معروف أيه نوعية الأكلات اللي بتقدم بالمطاعم دي».

أكلات «عرفة» بدأت تعرف بعض الشيء وسط أصدقائه ومعارفه بمجتمعه الجديد بأمريكا، ويطلبون منه أن يعد تلك الأكلات لهم، لكن هذا لم يشجعه حتى الأن على فتح مطعم مصري بالمكان الذي يعيش فيه، موضحا «الموضوع كله كهواية وأنا بعمله بحب في بلدي في اسم بلدي، ودي حاجة نفس أعملها كنوع من رد الجميل لبلدي، وبحاول أطور من شكل الاكلات والوصفات المصرية وبنشرها على مواقع التوصال الاجتماعي، عشان اعرف العالم كله بأكلات المطبخ المصري، ويمكن اللي معطل أني أنفذ الأفكار دي بشكل تجاري في مطعم في امريكا هي أني معنديش وقت كافي ومشغول دايما بشغلي، ودي المشكلة اللي موقفاني عن الحلم ده».
وفي نهاية حديثه يكشف من جديد عن أمنيته في تعريف العالم أجمع بكل الأكلات المصرية، مؤكدا أن بلدنا تستطيع أن تغزو العالم بتلك الأكلات لأن المطبخ المصري غني جدا بالكثير من الوصفات، التي إن قدمت بشكل جذاب ستعجب الكثيرون بكل تأكيد، محذرا في الوقت ذاته: « المطبخ المصري أصلا داخل مصر بيحصله تآكل، وعشان كدا عايز الخطوة دي تكون دافع للمحافظة على مطبخنا المصري داخليا، ومحاولة تعريف العالم به خارجيا».
تعليقات الفيسبوك