خلود خالد لطفي.. صانعة وبائعة مشغولات يدوية
كثيرون يظنون أن صناعة ملاكم عظيم، تعتمد في المقام الأول فقط على إكساب هذا الملاكم قوة وسرعة بيديه تجعلانه يقهر خصومه سريعا، ولكن في الحقيقة هذا غير كافٍ على الإطلاق، فلو وضعت المنافسات هذا الملاكم، أمام بطل آخر يضاهيه في القوة والسرعة، في تلك اللحظة يتوقف حسم هذه المباراة، على ميزة لا تتوفر في الجميع، وهي القدرة على التحمل، فالفوز حينها يكون حليفا للأكثر تحملا.
وفي حكاية خلود خالد لطفي، أم لطفلين، وصانعة وبائعة لمشغولات يدوية في الشارع، كان الأمر أشبه بمباراة ملاكمة عنيفة، لكن خصمها في تلك الحالة، كانت الحياة التي تسدد لها ضربات كثيرة وقوية، وفي كل مرة كانت تقابل ذلك بقوة تحمل تحسد عليها، جعلتها تستمر حتى الآن فيما تقوم به.
وتقول «خلود»، في حديثها لـ «الوطن»، إن أول ضربة تعرضت لها في تلك الحياة، حين كانت في طفلة في الإعدادية، حينما أجبرت من أهلها على ترك مدرستها، حتى تستعد للزواج مبكرا، وهو ما تم بالفعل، لتصبح وهي في سن الـ 29 فقط أما لطفلين أولهما محمد 12 عاما والثانية هند 11 عاما، واللذان تعتبرهما أفضل هدية تلقتها من الله سبحانه وتعالى في حياتها.
اللكمة الثانية من الحياة لم تتأخر كثيرا، على أم محمد وهند، فبعد سنوات قليلة من حياة أسرية مع زوجها، حدث الانفصال بينهما، لتجد نفسها مسؤولة عن تربية الطفلين، ومن قبلهما الإنفاق عليهما، حيث توضح: «فجأة لقيت نفسي أم لطفلين من غير زوج، بيدفع نفقة 700 جنيه بس، ولولا معاش والدي الحقيقة مش عارفة كنت هصرف عليهم إزاي».
وفي تلك المرحلة كان من السهل للغاية أن تستسلم لهذه اللكمة العنيفة، وتعلن خسارتها لمباراتها مع ظروف الحياة، ولكن هنا بدأت رحلتها في المثابرة، حتى تصل لهدفها الرئيسي والمتمثل في توفير حياة كريمة لطفليها: «كان لازم أنزل أشتغل عشان أوفر مصاريف دروس أولادي، لأني كنت بدفع 700 جنيه كمان على نفقة والدهم للدروس بس، ولأن معاييش شهادة، ملقيتش غير شغل بوفيه في شركة، وفعلا نزلت اشتغلت».

وللوهلة الأولى بدأت تظن صاحبة الـ 29 عاما، أن الأمور بدأت تستقيم، وستنفق على ما يحتاجه أطفالها من خلال هذا العمل، لكن هنا جاء موعد اللكمة الثالثة في حياتها، والخيانة هذه المرة جاءت من قدمها، التي بدأت تشعر بألم شديد فيها، لا يجلعها قادرة على ممارسة عملها، «وساعتها مكانش قدامي حل غير إني اقعد في البيت».
وبالفعل اختارت حينها أن تترك العمل، وتجلس في بيتها، حتى تتحسن حالة قدميها الصحية، وتشير إلى أنها في تلك الفترة بدأت علاقتها مع الـ «Hand Made» والمشغولات اليدوية، منبهة: «لما قعدت في البيت بقى عندي وقت فراغ كتير، ومن خلال النت عرفت عن الهاند ميد، وبدأت أدور على فيديوهات تعليمية عشان اتعلمه».
ا
وتكمل «خلود»،: «فكرت كمان وقتها إني أخد قرض من البنك، عشان اخد الشقة اللي قاعدين فيها، وأفرشها كويس، وكمان أصرف على مشروعي بالهاند ميد».

وفي النهاية حصلت على قرض بقيمة 35 ألف جنيه، تدفعه للبنك 50 ألف جنيه، كأقساط على مدار عدة سنوات، لتبدأ رحلتها في عالم صناعة المشغولات اليدوية وبيعها في الشارع، حتى توفر مصاريف أطفالها، وتعوض المبلغ الذي يتم خصمه بشكل شهري من معاش والدها الذي يتحصل عليه، مضيفة: «بياخدوا 850 جنيه قسط القرض كل شهر، من معاش أبويا اللي مساعدني في مصاريف ولادي، بيفضلي منه حوالي 1250 جنيه، وعلى اللي بيطلعللي من الشغل اللي بيبعه الدنيا بتمشي».
أما عن حلمها، الذي حين يتحقق ستشعر أنها فازت بمباراة الملاكمة، التي تجمعها بتلك الحياة وكل ظروفها الصعبة، فتكشف «خلود»: «مش عايزة غير أسدد كل ديوني، أنا ممكن ماكلش عشان ميبقاش عليا حاجة لحد، وبعدها أعلم ولادي كويس، وأجهز بنتي».
تعليقات الفيسبوك