طفلة صغيرة، تمسك بيد والدها، تخطو نحو نزهتها المفضلة لميدان الرماية، باع أبيها الطويل في ممارسة اللعبة ساعدها على مشاهدتها عن قرب، كبرت الصغيرة وشب معها حب «الرماية»، وفور أن حملتها قدماها وأصبحت شابة قادرة، مارست اللعبة باحتراف، وخاضت بها سنوات طويلة، وعقب انتهاء مسيرتها، لم تغب عن رياضتها المفضلة، بل أضحت عنصرا مغايرًا في اللعبة بدخولها مجال التحكيم، لتكلل مسيرتها المشرفة بنجاحات جديدة، كونها أصبحت علامة بارزة في مجال تحكيم الرماية في مصر.
الشابة المصرية الثلاثينية نهى العيسوي، أول حكم سيدة مصرية يتم انتدابها من الاتحاد الدولي رسميا للتحكيم كاس عالم وبطولات قارية، وأول مصرية تحكم نهائيات بطولة العالم للخرطوش، والتي أقيمت في مصر خلال الأيام الماضية.
بداية «نهى» في الرماية كانت في سن الـ9 سنوات
قبل 26 عاما كانت بداية «نهى» مع الرماية، في تلك الهواية التي ورثها عن والدها الذي كان يعمل ضابطا وأحد أبطال الرماية، ففي سن 9 أعوام كانت بداية ممارستها للعبة، بعدما التحقت بنادي الرماية للتدريب عليها بترشيح من والدها، «كنت بشوف بابا كتير وهو بيلعب، وفي البداية حسيت إني بحب اللعبة دي جدا، وقررت أستمر فيها».
بطولات عديد لعبتها «نهى» ونجحت في تحقيق مراكز متميزة فيها، فشاركت فأكثر من 400 بطولة محلية، وحوالي 20 بطولة دولية ما بين كأس عالم وقارية سواء في داخل مصر وخارجها، كانت البطولات في رماية بندقية ضغط هواء، ومسدس رصاص متعدد، «اللعبة دي بالنسبة لي كانت مصدر سعادة ومكنتش بقدر أبعد عنها».
حققت رقما قياسيا في عام 1999 لم يتم كسره حتى الآن
مشوارها الرياضي كان حافلا بالبطولات والأرقام القياسية، فحققت رقما قياسيا في عام 1999، لم يكسر حتى الآن، هو (400/400)، ويعني أنها نجحت في التصويب الصحيح لكل طلقاتها الـ10 كاملة دون خطأ، «كل طلقة ليها درجة من 10، وسددت الـ40 طلقة بتوعي صح دون خطأ».
مسيرتها كاللاعبة انتهت في عام 2014 بعد حصولها على بطولة الجمهورية التي اعتبرتها «بطولة اعتزال»، لكن لم تتوقف عن اللعبة أو ينقضي شغفها، فسلكت اتجاه التدريب، فنالت عدة دورات متخصصة في ذلك المجال، لكنه لم تفضله، «محبتش التدريب، فحصلت على دورات في التحكيم، وحبيته أكثر واستمريت فيه».
7 سنوات من التحكيم لـ«نهى» في البطولات المحلية والدولية، حصدت فيها العديد من لقب «أول»، فهي أول محاضرة سيدة في دورة التحكيم المحلية، أول سيدة مصرية أفريقية يتم انتدبها من قبل الاتحاد الدولي لرياضة الرماية للتحكيم في البطولة الآسيوية المؤهلة لأولمبياد «ريو دي جانيرو»، وأول وأصغر حكم سيدة مصرية تشارك في بطولة العالم في ألمانيا عام 2016، أول حكم سيدة مصرية تشترك ضمن طاقم تحكيم بطولة العالك في تايلند 2017، أول مرشحة مصرية عربية أفريقية لعضوية لجنة حكام الاتحاد الدولي لرياضة الرماية من قبل الاتحاد المصري للرماية، وأول حكم سيدة مصرية تشارك ضمن طاقم تحكيم مسابقة التارجت اسبرينت في العام نفسه، أول حكم سيدة مصرية تشارك ضمن طاقم حكام الدوري الرياضي العسكرية المصري، كذلك هي أول سيدة يتم تكريمها من الاتحاد الدولي لرياضة الرماية بميدليته البرونزية ودبلومة الشرف من الطبقة الثالثة بمناسبة المجهود المبذول لنجاح البطولة الأفريقية عام 2016.
مع تلك المسيرة المتميزة في التحكيم، لم تتوقف طموحات السيدة الثلاثينة، إذ مازلت تطمح للتحكيم في الأولمبياد، وفي حال تحقيقه تصبح أول سيدة مصرية تحكم فيها، «البطولة دي بتشترط أن تصنيفك الدولي في التحكيم يكون (A)، ودى حصلت عليها من كام شهر»، هذا الشغف الذي ورثته عن والدها في الرماية لم يتوقف عندها، بل انتقل لنجلها الذي بدأ قبل أشهر قليلة ممارسة لعبة الرماية.
تعليقات الفيسبوك