قسوة الحياة ربما تغير مصائر البعض، وهو ما حدث مع أحمد عوض، 27 سنة، من محافظة القليوبية، ذلك الشاب العشريني، الذي تحولت حياته إلي مأساة بعدما سقطت عليه «بوابة حديد» كان يجهزها داخل ورشة كان يعمل بها، «صبي حداد» ليصاب بشلل رباعي أفقده القدرة علي الحركة، وأصبح قعيد الفراش منذ عشر سنوات، وتحديدا منذ عام 2011.
كنت بشتغل من صغري علشان أبويا انفصل عن أمي وكنت بصرف علي البيت
استيقظ كعادته كل صباح، أعدت له والدته وجبة الإفطار، هم للذهاب إلي الورشة التي يعمل بها، عقارب الساعة كانت تقترب من السابعة صباحا، خرج الشاب محملا بعبء كسب الأموال للحفاظ علي استقرار أسرته الصغيرة، بعدما تركهم الأب وتزوج، ومن هنا تحملت الأم تربية ابنها: «إحنا أربعة إخوات، 3 منهم عايشين مع أبويا، وأنا الوحيد اللي كنت مع أمي، وكانت بتعتمد عليا في كل حاجة».
البوابة وقعت عليا وأنا شغال
هم الفتى بالخروج، حملته والدته كلمات، تحثه فيها على التركيز أثناء العمل، حتى لا يتعرض لمكروه، فهو الآن رب الأسرة، ويجب عليه أن يدرك قيمة حياته، قبلت جبينه، ودعت الله أن يحفظ نجلها.
خرج «أحمد» في رحلة ذهاب يومية إلى «ورشة الحدادة» التي اعتاد عليها منذ أن كان في الحادية عشر من عمره، قبل أن يصاب بعجز كامل وهو لا زال في السابعة عشر من عمره حينها، دخل مبكرا إلى مكان العمل كما يفعل دائما، لم يكن يعلم أن تلك هي المرة الأخيرة التي سيكتب له فيها السير بشكل طبيعي، بدأ في تجهيز أدوات اللحام، واتجه صوب بوابة حديد كان يتم إعدادها لأحد الزبائن: «وقعت عليا، وجابتلي شلل رباعي، وصاحب الورشة فضل جنبي 3 سنين يراعيني، لكن ظروفه بعد كدة بقت صعبة، فسابني لأن الورشة مبقتش شغالة زي الأول».
غدر الأصدقاء
أصعب تلك اللحظات التي تعرض لها «أحمد» عندما استيقظ بعد غيبوبته التي استمرت لمدة 5 أيام، ووجد نفسه مستلقيا على سرير في أحد المستشفيات لا يقدر على تحريك أطرافه، حينها أيقن أنه كتب له أن يعيش بإعاقة ستلازمه مدى الحياة: «كان عندي أصحاب كتير، وكلهم سابوني، لما عرفوا إني اتشليت، وده أثر فيا، وخلاني مكتئب، إزاي يعني جالهم قلب يسيبوني، ده أنا كنت بحبهم، معقول كل اللي بينا كان أكل وخروج وبس، ومش صداقة حقيقية، وبسبب الموضوع ده، فضلت سنة ونص مبخرجش من البيت، ومش عايز أكلم حد».
ظل الفتى تلك المدة داخل غرفته، لا يستقبل أحدا، وانقطع عن الذهاب إلى المدرسة، حيث كان يدرس في المرحلة الثانوية حينها: «فضلت بعيد عن المدرسة، أربع سنين، وبعدين رجعت تاني، وكملت تعليمي وكنت بحلم أبقى مهندس، لكن عرفت إن المجال ده مش هينساب حالتي، ودخلت كلية التجارة، ولاقيت من كل الناس دعم ومحبة كبيرة، وعوضوني عن غدر أصحابي بيا زمان».
أم «أحمد» حملت علي عاتقها رعاية ابنها، بعدما أصبح لا يقوى الحركة: «أمي شايلة همي بقالها عشر سنين، بتعمل كل حاجة معايا، وبسبب إنها بتشيلني كتير، جالها انزلاق غضروفي، وتعبانه معايا، وأنا عارف إنها تعبانة نفسيا بسببي، بس عمرها ما بينت ده قدامي، طول الوقت مبتسمة وصابرة، رغم إن الظروف صعبة».
نفسي ألعب كورة وأشيل حديد
يحلم «أحمد» أن يعود إلى الحياة من جديد، ويمارس أشياء حرم منها 10 سنوات مضت: «نفسي ألعب كورة، وأروح صالة الجيم أشيل حديد، نفسي فعلا أرجع طبيعي».
تعليقات الفيسبوك