عشق مهنة طباعة الأوراق قبل أن يتم عامه الثاني عشر، فلم تكن له مجرد عمل يقوم به، غير أنه آثر أن يضيف لاجتهاده بركة يتقرب بها إلى ربه، فما إن تقع يده على كتاب سماوي إلا واشتاقت نفسه لجعله جليا بهيا يليق بمكان نزل منه.
أكثر من خمسين عاما قضاها علي دياب الجيزاوى، الرجل الستنيي، في العمل بتجديد الكتب السماوية ما بين المصحف الشريف والإنجيل، داخل ورشته الصغير في المنطقة الأزهرية بمحافظة قنا، تنجح أنامله الصغيرة في تحويل أي كتاب قديم تناثرت أوراقه بعيدا عن إطاره إلى حالته الأصلية الجديدة.
بدأ تعلم المهنة في سن 12 عاما في أحد الورش بقريته
في سن 12 عاما، بدأ «علي» تعلم مهنة طباعة الكتب وإصلاح التالف منها، حيث كان يعمل صبيا في إحدى المطابع بمسقط رأسه، تدريجيا أصبح متمكنا في تلك المهنة التي عشقها منذ أن عمل بها، «أنا بحب الكتب، بستمتع لما بشوف كتاب قديم يتجدد، وببقي في قمة سعادتي لو كان كتاب سماوي».
لا فرق لدي الرجل الستيني بين المصحف الشريف أو الإنجيل المقدس، ويعشق العمل في كليهما ويسعى جاهدا لتحويل أوراق كل منهما لأفضل حالة، فيجد متعة وسعادة في العمل فيهم عن أي كتاب آخر، «من ساعة ما فتحت الورشة بتاعتي في عام 1982 وأنا بفضل العمل في الكتب السماوية، ولو عندي شغل بأجله عشانهم وأخلصهم الأول».
يحتاج يومين ليتم تجديد المصحف الشريف بعد مراحل متعددة
يومان هي المهلة التي يحتاجها «علي» لتجديد أي مصحف، حيث يبدأ عمله بخطوات عديدة يتبعها لتتم عملية تجديد المصاحف، تبدأ بفك الملزمات الموجودة بالمصحف، يلها ترتيب أوراقه بصورة صحيحة ودقيقة، عقب ذلك يعمل في خياطته يدويا بالخيوط البيضاء، «بعد كدة بشد جلد الغلاف ويقص الزائد، آخر خطوة هي الانتظار لجفاف المادة اللاصقة».
كافة الأدوات الموجودة داخل ورشة «علي» ويستخدمها في تجديد الكتب، تعود إلى بداية افتتاحه للورشة في الثمانينيات، حيث يستمر في استخدامها حتى الوقت الحالي، «أحسن آلات في السوق، كلها من خامات أصلية، وبتستحمل الشغل وأنا بحافظ عليها».
رغم أهمية التطور التكنولوجي ومساعدته في تسهيل حياة الكثيرين، إلا أنه أثر بصورة سلبية على عمله في تجديد المصاحف والإنجيل، حيث قل إقبال الزبائن الراغبين في تجديد مصاحفهم وكتبهم المقدسة، «كله بطل يشتري مصاحف وكتب مقدسة، عشان البرامج اللي على الموبايل بقوا يقرأوا منها ومش محتاجين يشتروا».
تعليقات الفيسبوك